عرضوهم فى المدرسة الغورية وعيّنوا منهم جماعة يسافرون (١) إلى إسطنبول، فكتبوا أسماءهم (٢) فى قوائم وألزموا كل واحد منهم بأن يحضر له بضامن يضمنه، فلما أحضروا لهم بضمّان أطلقوهم إلى حال سبيلهم، ويأتى الكلام من بعد ذلك فى أمرهم وما تمّ لهم فى هذه الحركة.
وفى يوم الأحد ثامن عشرينه قبض الوالى على شخص من العثمانية، قيل إنه اختطف امرأة من السوق وزنى بها، فلما بلغ ابن عثمان ذلك أمر الوالى أن يقطع رأسه، فقطع رأسه فى الحال وطاف بها فى القاهرة وهى على رمح، فظهر من ابن عثمان فى ذلك اليوم بعض عدل فلعلّ أن يعتبروا بقيّة عسكره ويكفّوا عن الأذى.
وفى هذا الشهر وقع أن ابن عثمان شرع فى فكّ الرخام الذى بالقلعة، فى قاعة البيسرية والدهيشة وقاعة البحرة والقصر الكبير وغير ذلك من أماكن بالقلعة، وفكّ العواميد السماقى التى كانت (٣) فى الإيوان الكبير، وقيل إنه يقصد أن ينشئ له مدرسة فى إسطنبول مثل مدرسة السلطان الغورى، فلا تقبّل الله منه ذلك. ثم صار يحيى بن نكار يركب ويأخذ معه جماعة من المرخّمين فيهجمون (٤) قاعات الناس ويأخذون (٥) ما فيها من الرخام السماقى والزرزورى والملوّن، فأخربوا عدّة قاعات من أوقاف المسلمين وبيوت الأمراء قاطبة، حتى القاعات التى فى بولاق، وقاعة الشهابى أحمد ناظر الجيش ابن ناظر الخاص التى على بركة الرطلى، وغير ذلك من قاعات المباشرين والتجّار وأبناء الناس وغير ذلك. ثم إن الوزراء استدرجوا لأخذ الكتب النفيسة التى (٦) فى المدرسة المحمودية والمؤيدية والصرغتمشية، وغير ذلك من المدارس التى فيها الكتب النفيسة، فنقلوها عندهم ووضعوا أيديهم عليها، ولم يعرفوا الحرام من الحلال فى ذلك.
وفيه نادوا فى القاهرة بإبطال الفلوس العتق، وضربوا للناس فلوسا (٧) جددا خفافا