ومن الحوادث أن السلطان سليم شاه لما قتل الأمراء قبض على نسائهم ورسم عليهم وأرسلهم إلى بيت ناظر الخاص، وقد أشيع أنه يقصد أن يصادرهم وقرّر عليهم مالا، فأقاموا فى بيت ناظر الخاص أياما ولم يردّوا من المال شيئا، فنقلوهم إلى بيت الدفتردار، فقصد أن يعاقبهم وقيل سجن منهن جماعة فى الحجرة حتى يردّوا ما قرّر عليهم من المال، ورسم على مباشرى (١) الأمراء الذين قتلوا أيضا حتى يقيموا حساب إقطاعاتهم، فأقاموا فى الترسيم مدّة.
وفى يوم الأحد سادس ربيع الأول عدّى السلطان سليم شاه إلى برّ الجيزة بسبب قتال الأشرف طومان باى، وقد بلغه أنه قد وصل إلى المناوات ومعه من العربان والعسكر من المماليك الجراكسة الجمّ الغفير، فلما عدّى إلى الجيزة أقام بها إلى يوم الخميس عاشر شهر ربيع الأول، فتلاقى (٢) عسكر بن عثمان وعسكر السلطان طومان باى على وردان، وقيل على المناوات، فكان بين الفريقين وقعة لم يسمع بمثلها، أعظم من الوقعة التى كانت على الريدانية، وقيل كانت هذه الوقعة عند كوم الحمام، فكان بين الفريقين وقعة مهولة وانكسرت العثمانية غير ما مرّة، وطردتهم الأتراك حتى ألقوا أنفسهم فى البحر، وكانت الكسرة عليهم أولا، وقتل منهم جماعة كثيرة.
ثم بعد ذاك تكاثرت (٣) العثمانية على الأتراك وطرشتهم الرماة بالبندق الرصاص، فهزموهم ووقعت الكسرة على الأتراك، وولّى السلطان طومان باى مهزوما، فتوجّه إلى بلدة تسمى البوطة فى أعلا تروجة. وهذه خامس كسرة وقعت على عسكر مصر، وكان السلطان طومان باى ليس له سعد فى حركاته، كل ما رام أن ينتصر على ابن عثمان ينعكس، فكان كما يقال فى المعنى:
إذا لم يكن عون من الله للفتى … فأوّل ما يجنى عليه اجتهاده
فلما انتصر ابن عثمان على عسكر مصر قطع رءوس المماليك من الجراكسة، وقطع رءوس جماعة كثيرة من العربان الذين (٤) كانوا مع السلطان طومان باى، فلما تكاملت