للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأشيع قتل قاضى البهنسا عبد السلام، ونهبوا ما كان مع القضاة من البرك، وما سلموا من القتل إلا بعد جهد كبير. فلما بلغ ابن عثمان ذلك اضطربت أحواله وتحقّق أن السلطان طومان باى قد أبى [١] من الصلح بعد أن أرسل يطلب الأمان. ثم إن ابن عثمان نقل وطاقه من الجزيرة الوسطى إلى بركة الحبش.

وفى يوم السبت حادى عشرين صفر نزل السلطان سليم شاه من القلعة ومعه الجمّ الغفير من العساكر وتوجّه إلى الوطاق ببركة الحبش، وتوجّهت المباشرون [٢] صحبته حتى القاضى كاتب السرّ. - وفى هذه الأيام اختفت السقايين بجمالهم وضجّ الناس من العطش، وزعموا أن ابن عثمان طلب جميع السقايين بجمالهم ورواياهم حتى يسافروا معه إلى الصعيد بسبب السلطان طومان باى إن كان يهرب منه إلى بلاد الزنج، فوصل ثمن الراوية الماء أربعة أنصاف، وقيل خمسة أنصاف.

وفى يوم السبت ثامن غشرين صفر أشيع أن أوائل عساكر السلطان طومان باى قد وصل إلى ترسة بالقرب من الجيزة، فرسم ابن عثمان بعمل وحسات على شاطئ البحر بطرا لأجل تعدية عسكره، وكذلك فى برّ مصر العتيقة. - وفى هذه الأيام امتنع الجالب من البضائع التى كانت تدخل إلى القاهرة من الأجبان والسمن والقشطة وغير ذلك من البضائع، التى كانت تجلب من الجيزة وقليوب والمنية وشبرا، واضطربت أحوال القاهرة جدّا بسبب إقامة هذه الفتنة.

وفى ربيع الأول كان مستهلّ الشهر يوم الثلاثاء، فأشيع أن جان بردى الغزالى لما خرج إلى بلاد الشرقية كبس على عدة بلاد من الشرقية حتى وصل إلى التل والزّمرونين [٣] وإلى زنكلون، فنهب ما فيها من الأبقار والأغنام والأوز والدجاج، وأسر نساء الفلاحين وأولادهم الصبيان والبنات، وصار يبيعهم فى القاهرة بأبخس الأثمان، كما فعل أقبردى الدوادار بالعرب الأحامدة وأولادهم، فاشترى بعض الناس منهم بنتا بأربعة أشرفية وأعتقها وأوهبها إلى أمّها وقد رقّ لها من الأسف على ابنتها، وفعل فى الشرقية ما لا فعله البخت نصّر لما دخل إلى مصر. ثم إن يونس باشاه


(٣) أبى: أبا.
(٦) المباشرون: المباشرين.
(١٩) والزمرونين: كذا فى الأصل.