للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السلطانية والعربان نحو عشرين ألفا، وما أنا بعاجز عن قتالك، ولكن الصلح أصلح إلى صون دماء المسلمين. ثم فى عقيب ذلك توجهت القضاة الأربعة وبرد بك دوادار الخليفة إلى عند السلطان طومان باى نحو الصعيد.

وفى هذه الأيام قويت الإشاعات بأن السلطان طومان باى جمع من العساكر والعربان ما لا يحصى عددهم وهو زاحف على ابن عثمان ببرّ الجيزة، فكثر القيل والقال فى ذلك ووقع الاضطراب فى القاهرة بسبب ذلك. - وفى أثناء هذا الشهر أشيع أن الأمير علان من قراجا الدوادار الكبير قد توفى بالصعيد، ودفن فى بعض الضياع هناك، وصلّى عليه السلطان طومان باى والأمراء الذين (١) كانوا هناك، وكان الأمير علان جرح فى الوقعة التى كانت فى الريدانية، واستمرّ عليلا من ذلك حتى مات هناك، وكان من فحول الأمراء وأشجعهم، والله غالب على أمره.

وفى يوم الاثنين سادس عشر صفر تزايد فساد العربان بالشرقية، وصاروا يقطعون الطريق على العثمانية [ويقتلونهم ويأخذون] (٢) خيولهم وجمالهم وسلاحهم. ونهبوا بلاد عبد الدايم بن أبى الشوارب وأحرقوها، ونهبوا عدة بلاد من الشرقية، منهم قليوب وقلقشندة وغير ذلك من البلاد، ووصلوا إلى شبرا المنية، وصاروا يعدّون (٣) من شبرا إلى قنطرة الحاجب. فلما تزايد الأمر أرسل إليهم السلطان سليم شاه تجريدة فيها من العسكر نحو ألف وخمسمائة عثمانى، وجعل باشهم جان بردى الغزالى، فخرجوا من القاهرة على حميّة وتوجّهوا إلى الشرقية فأقاموا بها أياما، فأخلت العربان من وجههم وصعدوا إلى الجبال فرجع ذلك العسكر من غير طائل من العربان.

وفى أثناء هذا الشهر وردت الأخبار من بلاد الصعيد بأن القضاة الأربعة وبرد بك دوادار الخليفة وقاصد ابن عثمان مصلح الدين الذى كان أرسله معهم وجماعة من العثمانية، فلما وصلوا إلى قريب البهنسا خرج عليهم جماعة من العربان ومعهم جماعة من الأتراك فقتلوا العثمانية، وهرب برد بك دوادار الخليفة وعرّوه وأخذوا أثوابه وهرب حتى نجا من القتل، ونهب جميع ما معه من القماش وغيره،


(١) الذين: الذى.
(٢) ويقتلونهم ويأخذون: ويقتلوهم ويأخذوا.
(٣) يعدون: يعدوا.