ومنع القضاة والشهود من الحكم والشهادة، وأقاموا على ذلك نحو شهر وقد منعوا من ذلك، وفى هذه الواقعة يقول الشيخ بدر الدين بن الزيتونى فى معنى ذلك:
منعنا الحكم والإشهاد أيضا … فيا سنة الكرى عينى فزورى
منعنا كلنا من غير ذنب … كأنا قد أتيناهم بزور
وفى هذا الشهر أشيع أن السلطان طومان باى أرسل عدة مطالعات إلى المباشرين وأعيان الناس وإلى كاتب السرّ حتى إلى الخليفة، فأرسل يعتب عليهم ويقول لهم:
يا سبحان الله إن كنتم نسيتونا فنحن ما نسيناكم. وأرسل يعتب عليهم ويتحرّش بهم، ثم بعد أيام أشيع أن طومان باى أرسل يقول إلى ابن عثمان: إن كنت تروم أن أجعل الخطبة والسكة باسمك وأكون أنا نائبا عنك بمصر وأحمل لك خراج مصر حسبما يقع الاتفاق عليه بيننا من المال الذى أحمله إليك فى كل سنة، فارحل عن مصر أنت وعسكرك إلى الصالحية وصون دماء المسلمين بيننا ولا تدخل فى خطية أهل مصر من كبار وصغار وشيوخ وصبيان ونساء، وإن كنت ما ترضى بذلك فاخرج ولا قينى فى برّ الجيزة ويعطى الله تعالى النصر لمن يشاء منا. فلما وقف السلطان سليم شاه على مطالعة السلطان طومان باى أرسل خلف أمير المؤمنين والقضاة الأربعة، وأحضر جماعة من وزرائه وكتب بحضرتهم صورة حلف إلى السلطان طومان باى، وكتب ابن عثمان خطّه عليه، ووقع فى ذلك اليوم الاتفاق بالقلعة أن الخليفة والقضاة الأربعة يتوجّهون إلى السلطان طومان باى بذلك الحلف على أيديهم، ثم إن ابن عثمان أخلع على القضاة الأربعة قفطانات مخمل مذهبا وقال لهم: انزلوا اعملوا يرقكم حتى تتوجّهوا إلى طومان باى نحو الصعيد. فنزلوا من القلعة على ذلك، ثم إن الخليفة امتنع من التوجّه إلى السلطان طومان باى، وقال: أنا أرسل دوادارى برد بك صحبة القضاة الأربعة. وأشيع أن المطالعة التى (١) أرسلها السلطان طومان باى إلى ابن عثمان ذكر فى ذيل المطالعة: ولا تحسب أنى أرسلت أسألك فى أمر الصلح عن عجز، فإن معى ثلاثين أميرا ما بين مقدّمين ألوف وأربعينات وعشرات، ومعى من المماليك