منهم جماعة فى سجن الديلم، وكان فيهم أمراء عشرات، فرسم بأن ينفوا إلى إسطنبول، فأخرجوهم وهم فى قيود وأركبوهم على حمير، والأعيان منهم على جمال، ومنهم من هو ماش على أقدامه وهو فى زنجير، وكانوا نحو سبعمائة مملوك، وقيل أكثر من ذلك، فشقّوا بهم القاهرة ثم توجّهوا بهم إلى بولاق وأنزلوهم فى المراكب فلما استقرّوا فى المراكب خشبوا منهم جماعة بقرامى خشب فى أيديهم، ثم سافروا بهم فى البحر إلى ثغر الإسكندرية، ثم يتوجهون (١) بهم من هناك إلى إسطنبول، فصار لنسائهم وأولادهم ضجيج وبكاء فى ساحل بولاق عند ما ودّعوهم
وفى يوم الأربعاء حادى عشر صفر أخلع السلطان سليم شاه على القضاة الأربعة الذين (٢) كانوا فى أسره بحلب، وهم قاضى القضاة الشافعى كمال الدين الطويل وقاضى القضاة محمود بن الشحنة الحنفى وقاضى القضاة محيى الدين بن الدميرى المالكى وقاضى القضاة شهاب الدين الفتوحى الحنبلى، وأعادهم إلى وظائفهم كما كانوا فى الأول بمصر.
وكانت الأحوال قد فسدت جدا فإن السلطان سليم شاه لما دخل إلى القاهرة جعل فى المدرسة الصالحية قاضيا من قبله سمّاه قاضى العرب، فصار لا يحكم إلا فى المدرسة الصالحية، فمنع نوّاب قضاة مصر والشهود الذين (٢) بها قاطبة أن لا يعقدوا عقدا لأحد من الناس ولا يكتبوا إجازة ولا وكالة ولا وصيّة ولا شيئا من الأشغال قاطبة، فكانت الناس إذا راموا أن يعقدوا عقدا لتزوّج من أبكار أو ثيبات فيمضون إلى المدرسة الصالحية ويحصل لهم كلفة زائدة ومشقّة، وكذلك فى الوصيّة أو فى جميع أشغال الناس، فضاعت على الناس حقوقها واضطربت أحوال الأحكام الشرعية فى هذه الأيام. وكان القاضى الذى قرّره ابن عثمان يحكم فى الصالحية أجهل من حمار، وليس يدرى شيئا فى الأحكام الشرعية، ويضيّع على الناس حقوقها، وكان إذا دخل عليه مبلغ فى كل يوم يعطى الموقّعين والشهود الذين (٢) عنده من ذلك المبلغ بعض شئ ويقول الباقى حصّة بيت المال، فيشيل بقية المبلغ فى صندوق ويقفل عليه، واستمرّت القضاه والشهود مع قاضى العرب الذى قرّره ابن عثمان فى غاية النكد،