من باب القرافة إلى سوق الخيل. - ثم إن العثمانية نصبوا خيمة فى وسط الرملة وجعلوا فيها أدنان بوزة، وخيمة أخرى فيها جفن حشيش، وخيمة أخرى فيها صبيان مرد يحارفون (١) كعادتهم فى بلادهم.
وفى يوم الجمعة جاءت الأخبار من بلاد الصعيد بأن السلطان طومان باى قويت شوكته والتفّ عليه جماعة كثيرة من العربان، واجتمع عنده من الأمراء والعسكر الجمّ الغفير، وأشيع أن وصل إليه من ثغر الإسكندرية زردخاناه ما بين نشاب وقسى وبارود. فلما تحقّق السلطان سليم شاه ذلك أخذ حذره من الأشرف طومان باى، وصار على رءوس أهل مصر طيرة مما جرى عليهم فى تلك الوقعة التى كانت فى الصليبة، فخشوا من مثل ذلك.
وفى صفر كان مستهلّ الشهر يوم الأحد. - ففى يوم الثلاثاء ثالث الشهر حضر العلاى على ناظر الخاص وكان قد توجّه إلى ثغر الإسكندرية، فلما حضر أحضر صحبته جماعة من المماليك الجراكسة كانوا هناك، فأحضرهم فى زناجير. - ثم أشيع بعد ذلك أن ناظر الخاص كان توجّه إلى الإسكندرية بسبب خنق الظاهر قانصوه خال الناصر الذى كان بثغر الإسكندرية، فقيل خنق فى البرج الذى كان به، وكان السلطان طومان باى أفرج عنه وأخرجه من البرج وسكن فى قاعة الملك المؤيد أحمد وأذن له أن يركب ويصلّى صلاة الجمعة مع الناس فى الجامع، فلما توجّه ناظر الخاص إلى ثغر الإسكندرية أظهر أنه يعيد الظاهر قانصوه إلى البرج كما كان، فلما أعيد إلى البرج خنقوه تحت الليل ودفن هناك، وكان ملكا هيّنا ليّنا، ولما ولى السلطنة بمصر انصلحت أحوال الديار المصرية فى أيامه انصلاحا جيدا وتمنّى كل أحد من الناس بقاءه، ثم قاسى شدائد ومحنا (٢) وآخر الأمر قتل مخنوقا، وكان له من العمر نحو من أربعين سنة، وكان سبب خنقه أن كان قد أشيع أن الأتراك تقصد عوده إلى السلطنة، فبادر السلطان سليم شاه وخنقه وكفى أمره.
وفى هذه الأيام ترايد الأذى من عسكر ابن عثمان، فكانوا يخرجون (٣) وقت صلاة