للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متحدثين فى جهات الغربية، وقرّر الزينى بركات بن موسى متحدثا [فى] جهات المحلة، وقرّر شرف الدين الصغير وأبا البقا ناظر الاسطبل متحدثين فى الجهات القبلية، فأظهر كل منهم أنواعا من المظالم فى حق الناس بسبب الإقطاعات والرزق. وأشيع أن السلطان سليم شاه أوقف أمر المناشير التى (١) بيد أولاد الناس بسبب أقاطيعهم، فحصل لهم غاية النكد بسبب ذلك.

وفى أواخر هذا الشهر تشحّطت الغلال من القاهرة وارتفع الخبز من الأسواق، وسبب هذا الأمر أن العثمانية لما دخلوا إلى القاهرة نهبوا المغل الذى كان فى الشون وأطعموه لخيولهم، حتى لم يبق (٢) بالشون شيئا من الغلال، ونهبوا القمح الذى كان بالطواحين واضطربت أحوال الناس قاطبة، ثم إن الأخبار ترادفت بأن السلطان طومان باى ظهر أنه بالصعيد عند أولاد ابن عمر، ومنع المراكب من الوصول إلى مصر بالغلال، فبموجب ذلك وقعت هذه التشحيطة بمصر.

ولما طلع ابن عثمان إلى القلعة احتجب عن الناس ولم يظهر لأحد، ولا جلس على التكة بالحوش السلطانى جلوسا عاما وحكم بين الناس وينصف الظالم من المظلوم، بل كان يحدث منه ومن وزرائه كل يوم مظلمة (٣) جديدة، من قتل وأخذ أموال الناس بغير حق، وكان هذا على غير القياس، فإنه (٤) كان يشاع العدل الزائد عن أولاد ابن عثمان وهم فى بلادهم قبل أن يدخل سليم شاه إلى مصر، فلم يظهر لهذا الكلام نتيجة ولا مشى سليم شاه فى مصر على قواعد السلاطين السالفة بمصر، ولم يكن له نظام يعرف لا هو ولا وزراؤه ولا أمراؤه ولا عسكره، بل كانوا همجا لا يعرف الغلام من الأستاذ.

ولما أقام ابن عثمان بالقلعة ربط الخيول من الحوش إلى باب القلّة إلى عند الإيوان الكبير وباب الجامع الذى بالقلعة، وصار زبل الخيل هناك بالكيمان على الأرض، وأخرب غالب الأماكن التى (٥) بالقلعة وفكّ رخامها ونزل به فى مراكب يتوجّهون (٦) به إلى إسطنبول. - ولما أقام سليم شاه بالقلعة نصب وطاق عسكره بالرملة


(١) التى: الذى.
(٢) لم يبق: لم يبقى.
(٣) مظلمة: مظله.
(٤) فإنه: فإن.
(٥) التى: الذى.
(٦) يتوجهون: يتوجهوا.