للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كثرتهم، من الصليبة إلى جامع قوصون إلى قناطر السباع إلى داخل باب زويلة، وما خلا منهم موضع فى المدينة، وصارت الناس تسدّ أبوابها وتضيّقها (١) مثل الخوخ حتى لا تدخل فيها الخيول، ولم يفد من ذلك شيئا وهدموا ما بنوه وسكنوا بها.

ثم إن السلطان سليم شاه طلع إلى القلعة فى موكب حفل من عسكره، وهذا أول طلوعه إلى قلعة الجبل، ولما أن طلع إلى القلعة نادى للناس بالأمان والاطمان. - وفيه أشيع أن المماليك الذين (٢) طلعوا بالأمان قيّدوهم (٣) وأودعوهم فى الوكالة التى خلف مدرسة السلطان الغورى.

وفى أوائل هذه السنة كانت وفاة الإمام العالم العلاّمة برهان الدين إبراهيم بن أبى شريف المقدسى الشافعى، وكان عالما فاضلا فى مذهبه بارعا فى العلوم، ولى قضاء الشافعية فى أيام السلطان الغورى فأقام بها مدة وعزل عنها، ثم قرّره الغورى فى مشيخة مدرسته، وقاسى فى أواخر عمره شدائد ومحنا (٤) من السلطان الغورى، وأقام مدة طويلة وهو عليل حتى مات، وعاش من العمر فوق الثمانين سنة، ولما مات كانت (٥) الحرب والفتن (٦) قائمة فلم يشعر بموته أحد من الناس رحمة الله عليه. - وتوفى أيضا البدرى حسن بن الطولونى معلم المعلمين كان، وكان ريّسا حشما من أعيان أولاد الناس، وكان كفّ بصره قبل موته بمدة طويلة، وكان أنشأ له تاريخا فى ضبط الوقائع، وكان علاّمة فى كل فن رحمة الله عليه.

وفى يوم الثلاثاء خامس عشرين المحرم أخلع الدفتردار على الشرفى يونس الأستادار قفطان مخمل مذهبا وجعله متحدثا على جهات بلاد الشرقية، ليمسح البلاد ويكشف ما فيها من إقطاعات المماليك الجراكسة وغير ذلك من الرزق والأوقاف، فأخذ قوائم من أولاد الجيعان بمعنى ذلك ونزل إلى الشرقية، فما أبقى من أبواب المظالم شيئا حتى فعله بالشرقية. وقرّر فخر الدين بن عوض وبركات أخا (٧) شرف الدين الصغير


(١) وتضيقها: وتضيقهم.
(٢) الذين: الذى.
(٣) قيدوهم: قيدهم.
(٤) شدائد ومحنا: شدايدا ومحن.
(٥) كانت: كان.
(٦) والفتن: والفتين.
(٧) أخا: أخوا.