للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك من أولاد الأمراء وأعيان الناس من الرؤساء (١) والمباشرين، وجماعة من الأمراء مثل قنبك رأس نوبة ثانى وسنبل مقدّم المماليك، وغير ذلك آخرون من الأمراء بايتة فى دهاليز بيته لم يلتفت إليهم. وكانت رسالته ماشية فى القاهرة لا تردّ عند وزراء ابن عثمان، وشفاعته فى الناس لا تردّ، وصار رنكه مضروبا على غالب البيوت التى (٢) فى القاهرة، وصار هو مقام سلطان مصر فى نفاذ الكلمة وإظهار العظمة فى تلك الأيام، ودخل عليه من الناس أموال وتقادم عظيمة ما لا فرح به آباؤه ولا أجداده.

وصارت جماعة من الستّات والخوندات مرميّة فى دهاليز حرمه، وصارت خوند ابنة الأمير أقبردى الدوادار زوجة السلطان طومان باى مقيمة فى بيته، وقد قرّر عليها السلطان سليم شاه مالا جزيلا (٣) تردّه، فلا زال الخليفة يتلطّف بالسلطان سليم شاه حتى حطّ عنها جانبا من المال الذى قرّره عليها، وحصل له من الستّات والخوندات خدما جزيلة، فطاش الخليفة فى تلك الأيام إلى الغاية، وظنّ أن هذا الحال يتم له، فكان القبان بآخره، كما يقال فى المعنى:

أمور تضحك السفهاء منها … ويبكى من عوافبها اللبيب

ومن الحوادث أن أولاد الزنكلونى الذى جرى لهم مع السلطان الغورى ما جرى ومات أبوهما تحت الضرب، وابن نور الدين المشالى الذى شنقه الغورى كما تقدّم، فلما تغيّرت الدول ودخل ابن عثمان إلى القاهرة ونادى: من كانت له ظلامة يرفع أمره إلى السلطان سليم شاه، فثارت أولاد الزنكلونى وابن نور الدين المشالى على القاضى شمس الدين بن وحيش، وقالوا له: أنت كنت سببا لشنق نور الدين المشالى وضرب الزنكلونى.

وقصدوا يمضون (٤) به إلى ابن عثمان يقطع رأسه، فترامى على الخليفة فى عمل المصلحة بينه وبين أولاد الزنكلونى وابن المشالى، فتكلم الخليفة بينهم على أن ابن وحيش يدفع إلى أولاد الزنكلونى ثلاثمائة دينار، وابن المشالى مائتى دينار فأبوا من ذلك، واستمرّت دعوتهم باقية على شمس الدين بن وحيش إلى أن يعرضوا ذلك على ابن عثمان.


(١) الرؤساء: الرويسا.
(٢) التى: الذى.
(٣) مالا جزيلا: مال جزيله.
(٤) يمضون: يمضوا.