ليس كذلك، فقاعدةُ المصالح تعُمُّ علوم العربية، أي: تكون من قَبِيل المشروع؛ فهي من جنس كَتْب المصحف، وتدوين الشرائع.
وما ذُكِر عن القاسم بن مُخَيْمِرَة قد رجع عنه؛ فإن أحمد بن يحيى ثعلبًا قال:"كان أحد الأئمة في الدِّين يعيب النحو، ويقول: "أَوَّلُ تعلُّمه شُغل، وآخِره بغي، يزدري العالمُ به الناسَ"، فقرأ يومًا: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر: ٢٨] برفع ﴿الله﴾، ونصبِ ﴿الْعُلَمَاءُ﴾، فقيل له: كَفَرتَ من حيث لم تعلم؛ تجعلُ الله يخشَى العلماء؟! فقال: لا طعَنتُ على عِلم يئول بي إلى معرفة هذا أبدًا".
قال عثمان بن سعيد الدَّاني (١): "الإمام الذي ذكره أحمد بن يحيى هو القاسم بن مُخَيْمِرَة". قال: وقد جرى لعبد الله بن أبي إسحاق مع محمد بن سيرين كلامٌ، وكان ابن سيرين ينتقِص النحويين، فاجتمعا في جَنَازة فقرأ ابن سيرين: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ برفع اسم الله، فقال له ابن أبي إسحاق: كفَرتَ يا أبا بكر، تعِيب على هؤلاء الذين يُقِيمون كتاب الله؟ فقال ابن سيرين: إن كنتُ أخطأت فأستغفر الله" (٢) "(٣).
* * *
(١) قال محقِّق الاعتصام (مشهور) ١/ ٣٣٥، هامش (١): "كلام أبي عمرو الداني هذا … وما يليه في "طبقات القراء"، وصرّح باسمه [أي الشاطبي] والنقل منه في: كتابه الموافقات ٢/ ٩١". (٢) ذكر هذه الحكاية القفطي في: إنباه الرواة ٢/ ١٠٧. (٣) الاعتصام ١/ ٣٣٧ - ٣٤٠.