١٨٥٤ - (د) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال:«زَنى رجلٌ من اليَهودِ وامرأةٌ، فقال بعضُهم لبعضٍ: اذْهَبُوا بنا إلى هذا النبيِّ فإنه نبيٌّ بُعِثَ بالتَّخْفِيفِ، فإن أفْتَانا بِفُتيَا دونَ الرَّجم قَبلناهَا واحْتججنا بها عند الله، قلنا: فُتْيَا نبيٍّ من أَنبيائك، قال: فَأتوا النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- وهو جالسٌ في المسجد في أصحابهِ فقالوا: يا أَبا القاسم، ما تَرَى في رجلٍ وامرأَةٍ منهم زَنَيا، فلم يُكَلِّمْهُم ⦗٥٤٦⦘ كلمةً حتى أَتى بَيْتَ مِدْرَاسِهمْ، فَقامَ على الباب فقال: أَنْشُدُكُم الله الذي أنْزَلَ التوراةَ على موسى، ما تَجِدُونَ في التَّورَاةِ على مَنْ زَنى إذا أَحْصَنَ؟ قالوا: يُحمَّمُ ويُجَبَّهُ وَيُجْلَدُ - والتَّجْبيهُ: أنْ يُحمَلَ الزَّانِيانِ على حمارٍ وتُقَابَلَ أقْفِيتُهُما، ويُطافَ بهما - قال: وسَكَتَ شَابٌّ منهم، فلما رآه النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-[سَكَتَ] ، أَلَظَّ به النِّشدَةَ فقال: اللَّهُمَّ إذْ نَشَدْتَنا، فَإنا نَجِدُ في التَّورَاة الرَّجمَ، فقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: فما أَوَّلَ ما ارْتَخَصْتُمْ أمرَ الله؟ قال: زَنى ذُو قَرَابةٍ من ملكٍ من مُلُوكِنا فَأَخَّرَ عنه الرجمَ، ثم زَنى رجلٌ في أُسرَةٍ من الناس، فَأرادَ رَجْمهُ، فَحالَ قومُهُ دُونَهُ، وقالوا: لا تَرُجمُ صَاحِبَنَا حتَّى تَجيءَ بِصَاحِبكَ فَترُجمَهُ، فاصطلَحُوا على هذه العُقُوبَةِ بينهم، قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: فإني أَحْكمُ بما في التَّورَاة، فَأمَرَ بهما فَرُجِما» .
قال الزهري:«فَبَلغنَا: أن هذه الآية نزلت فيهم {إنا أَنْزَلنا التَّوْرَاةَ فِيها هُدًى ونورٌ يَحْكُمُ بِها النَّبِيُّونَ الَّذِين أَسْلَمُوا}[المائدة: ٤٤] كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- منهم» .
وفي رواية: قال: «زَنى رَجلٌ وامْرَأةٌ من اليهودِ وقد أَحْصَنا، حين قَدِمَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- المدينةَ، وقد كان الرجمُ مكتوباً عليهم في التوراةِ، فَتَرَكُوهُ، وأخَذُوا بالتَّجْبِيهِ: يُضْرَبُ مِائَةً بِحَبلٍ مَطْليٍّ بِقَارٍ، ويُحْمَلُ على حمارٍ، ووجهُهُ مِمَّا يَلي دُبرَ الحمارِ، فاجَتَمَعَ أحْبارٌ من أحْبارِهم فَبَعَثُوا ⦗٥٤٧⦘ قَوماً آخرِين إلى رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: سَلُوهُ عَنْ حَدِّ الزَّاني ... وساق الحديث، قال فيه: ولم يُكُونْوا من أهْلِ دينِهِ فَيَحكُمَ بيْنَهم، فَخُيِّرَ في ذلك، قال:{فَإنْ جاؤوكَ فَاحكُم بَينَهمْ أوْ أَعْرِضْ عَنْهمْ}[المائدة: ٤٢] » . أخرجه أبو داود (١) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(تحميم الوجه) : تسويده وجعله كالحممة، وهي الفحمة.
(التَّجبيه) : قد مر شرحه [في متن الحديث] ، وقال الخطابي: يشبه أن يكون أصله: الهمز، يقال: جَبأتُه فجبأ: أي ارتدع وانزجر، فقلبت الهمزة هاء. والتجبيه أيضاً: أن يُنَكِّسَ رأسَه، فيحتمل أن يكون المحمول على الحمار إذا فُعل ذلك به نكَّس رأسه، فسُمِّي ذلك الفعل تجبيهاً. قال: وقد يحتمل أن يكون من الجَبْه، وهو الاستقبال بالمكروه، وأصل الجبه: إصابة الجبهة، يقال: جبهت الرجل: أذا أصبت جبهته.
(ألظَّ به النِّشدة) : ألظَّ فلان بفلان: إذا لزمه، ويقال: هو مُلِظ به لا يفارقه، وقيل: الإلظاظ: الإلحاح، والنشدة: السؤال.
(أُسْرَة) الرجل: قومه الذي يتقوى بهم، من الأسر: القوة.
(١) رقم (٤٤٥٠) و (٤٤٥١) في الحدود، باب في رجم اليهوديين، وفي سنده رجل مجهول، ولكن يشهد له من جهة المعنى الحديث الذي قبله.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية] إسناده ضعيف، وله شواهد: أخرجه أبو داود (٤٨٨ و ٣٦٢٤ و ٤٤٥٠) قال: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، قال: حدثنا عبد الرزاق. قال: أخبرنا معمر. وفي (٣٦٢٥ و ٤٤٥١) قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ. قال: حدثني محمد، يعني ابن سلمة، عن محمد بن إسحاق. وفي (٤٤٥٠) قال: حدثنا أحمد بن صالح، قال: حدثنا عنبسة. قال: حدثنا يونس. ثلاثتهم (معمر، ومحمد بن إسحاق، ويونس) عن الزهري، عن رجل من مزينة، فذكره. أخرجه أحمد (٢/٢٧٩) قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، قال: حدثنا رجل من مزينة ونحن عند ابن المسيب، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رجم يهوديّا ويهودية.