وقال أيضًا:"مع أنّ الجهمية والمعطلة إنما ينازعون أهل العلم على قول الله، إن الله لا يتكلم وإن تكلم فكلامه خلق، ... فالمقروء هو كلام الرب الذي قال لموسى {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي}[طه:١٤] إلا المعتزلة فإنهم ادعوا أن فعل الله مخلوق، وأنّ أفعال العباد غير مخلوقة، وهذا خلاف علم المسلمين"(١).
وقال الإمام ابن جرير الطبري:"وكذلك القول في قائل لو قال: (قراءتي القرآن مخلوقةً) وزعم أنه يريد بذلك القرآن مخلوقٌ: فكافرٌ لا شك فيه عندنا، ولا أحسب أحداً أُعطي شيئاً من الفهم والعقل يزعم ذلك أو يقوله.
فأما إن قال: أعني بقول (قراءتي): فِعْلِي الذي يأجرني الله عليه، والذي حدث مني بعد أن لم يكن موجوداً، لا القرآن الذي هو كلام الله - تعالى ذكره- الذي لم يزل صفةً قبل كون الخلق جميعاً، ولا يزال بعد فنائهم الذي هو غير مخلوقٍ.
فإن القول فيه نظير القول في الزاعم أن ذكره الله -جل ثناؤه- بلسانه مخلوقٌ، يعني بذلك فعله لا ربه الذي خلقه وخلق فعله" (٢).
(١) المصدر السابق (ص: ٧٤ - ٧٥). (٢) التبصير في معالم الدين (ص: ١٥٢).