ومِثَالُ التَّصْحِيفِ في المتنِ: ما رواهُ ابنُ لَهِيْعةَ عَنْ كِتابِ موسَى بنِ عُقْبةَ إليهِ بإسْنادِهِ عَنْ زَيْدِ بنِ ثابِتٍ: ((أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - احْتَجَمَ في المسْجِدِ)) (١)، وإنَّما هوَ بالرَّاءِ:((احْتَجَرَ في المسجدِ بِخُصٍّ أوْ حَصِيْرٍ، حُجْرَةً يُصَلِّي فيها)). فَصَحَّفَهُ ابنُ لَهِيْعةَ؛ لِكونِهِ أخَذَهُ مِنْ كِتابٍ بِغَيْرِ سَماعٍ. ذَكَرَ ذَلِكَ مُسْلِمٌ في كِتابِ " التمييز "(٢) لهُ. وبَلَغَنا عَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ في حديثِ أبي سُفيانَ، عَنْ جابِرٍ قالَ:((رُمِيَ أُبَيٌّ (٣) يومَ الأحْزابِ عَلَى أكْحَلِهِ (٤) فَكَواهُ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -)) (٥): أنَّ غُنْدراً قالَ فيهِ: ((أبي))، وإنَّما هوَ ((أُبَيٌّ))، وهوَ (٦) ابنُ كَعْبٍ. وفي حديثِ أنَسٍ:((ثُمَّ يخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قالَ: لا إلهَ إلاَّ اللهُ، وكانَ في قَلْبِهِ مِنَ الخيرِ ما يَزِنُ ذَرَّةً))، قالَ فيهِ شُعبةُ:((ذُرَةً)) - بالضمِّ والتخفيفِ (٧) -، ونُسِبَ فيهِ إلى التَّصحيفِ. وفي حديثِ أبي ذَرٍّ:((تُعِينُ الصَّانِعَ))،
(١) أخرجه البخاري ٨/ ٣٤ (٦١١٣)، ومسلم ٢/ ١٨٨ (٧٨١). وأخرجه البخاري أيضاً ١/ ١٨٦ (٧٣١)، و ٩/ ١١٧ (٧٢٩٠)، ومسلم ٢/ ١٨٨ بلفظ: ((اتَّخذَ حُجْرةً)). (٢) التمييز: ١٨٧، وقال: ((هذه رواية فاسدة من كل جهة، فاحش خطؤها في المتن والإسناد جميعاً، وابن لهيعة المصحف في متنه المغفل في إسناده)). وانظر: الأباطيل للجورقاني ٢/ ٩. (٣) قال النووي: ((بضم الهمزة وفتح الباء وتشديد الياء، هكذا صوابه، وكذا هو في الروايات والنسخ، وهو أُبي بن كعب، وصحفه بعضهم، فقال: بفتح الهمزة وكسر الباء وتخفيف الياء، وهو غلط فاحش؛ لأن أبا جابر استشهد يوم أحد قَبْلَ الأحزاب بأكثر من سنة)). شرح صحيح مسلم ٥/ ٥٧. (٤) الأكحل: هو عِرْق في اليد في وسط الذراع. انظر: اللسان ١١/ ٥٨٦. (٥) أخرجه أحمد ٣/ ٣٠٣ و ٣٠٤ و ٣١٥ و ٣٧١، وعبد بن حميد (١٠١٨)، ومسلم ٧/ ٢٢ (٢٢٠٧)، وأبو دواد (٣٨٦٤)، وابن ماجه (٣٤٩٣)، وأبو يعلى (٢٢٨٧) و (٢٢٨٨)، وأبو عوانة في الإتحاف ٣/ ١٧٢، والطحاوي في شرح المعاني ٤/ ٣٢١، والحاكم ٤/ ٢١٤ و ٤١٧، والبيهقي ٩/ ٣٤٢. (٦) في (م) والشذا: ((وإنما هو أُبَيّ بن كعب))، وفي (ع) والتقييد: ((وإنما هو أُبَيّ وهو أُبَيّ بن كعب)). (٧) أخرجه أحمد ٣/ ١١٦ و ١٧٣ و ٢٧٦، وعبد بن حميد (١١٧٣)، وأخرجه البخاري ١/ ١٧ (٤٤) و ٩/ ١٤٩ (٧٤١٠)، ومسلم ١/ ١٢٥ (١٩٣) (٣٢٥)، وابن ماجه (٤٣١٢)، والترمذي (٢٥٩٣).