وفِيهِ وفي الفَرْقِ بينَهُ وبينَ المرسَلِ مذاهبُ لأهلِ الحديثِ وغيرِهم: فمنها ما سبقَ في نوعِ المرسلِ عَنِ الحاكمِ - صاحبِ كتابِ "معرفةِ أنواعِ علومِ الحديثِ"(٣) مِنْ أنَّ المرسلَ مخصوصٌ بالتابعيِّ. وأنَّ المنقطعَ، منهُ: الإسنادُ الذي فيهِ قبلَ الوصولِ إلى التابعيِّ (٤) راوٍ لَمْ يَسمَعْ مِنَ الذي فوقَهُ، والساقِطُ بينَهُما غيرُ مذكورٍ لا مُعيَّناً ولا مُبْهماً، ومنهُ: الإسنادُ الذي ذُكِرَ فيهِ بعضُ رُواتِهِ بلفظٍ مُبْهَمٍ، نحوُ: رَجُلٍ أو شَيْخٍ أو غيرِهِما (٥).
مثالُ الأوَّلِ: ما رُوِّيناهُ عَنْ عبدِ الرزَّاقِ، عَنْ سُفْيانَ الثَّوريِّ، عَنْ أبي إسحاقَ، عَنْ زَيْدِ بنِ يُثَيْعٍ (٦)، عَنْ حذيفةَ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((إنْ وَلَّيْتُمُوْهَا أبا بكرٍ،
(١) انظر: محاسن الاصطلاح: ١٤٢ - ١٤٣. (٢) انظر في المنقطع: معرفة علوم الحديث: ٢٧ - ٢٩، والكفاية: (٥٨ ت، ٢١ هـ)، والتمهيد ١/ ٢١، وإرشاد طلاب الحقائق ١/ ١٨٠ - ١٨٢، والتقريب: ٥٨، والاقتراح: ١٩٢ - ١٩٣، والمنهل الروي: ٤٦ - ٤٧، والخلاصة: ٦٨ - ٦٩، والموقظة: ٤٠، وجامع التحصيل: ٣١، واختصار علوم الحديث: ٥٠ - ٥١، والمقنع ١/ ١٤١، وشرح التبصرة والتذكرة ١/ ٢٧٣، ونزهة النظر: ١١٢، والمختصر: ١٣١ - ١٣٢، وفتح المغيث ١/ ١٤٩، وألفية السيوطي: ٢٤، وشرح السيوطي على ألفية العراقي: ١٦٣، وفتح الباقي ١/ ١٥٨، وتوضيح الأفكار ١/ ٣٢٣، وظفر الأماني: ٣٥٤ - ٣٥٥، وقواعد التحديث: ١٣٠. (٣) معرفة علوم الحديث: ٢٥. (٤) قال الزركشي ٢/ ٦: ((ليس بجيد، فإنه لو سقط التابعي كان منقطعاً أيضاً، فالأولى أن يقال: ((قبل الصحابي)). قال ابن السمعاني في القواطع: ((المرسل والمنقطع واحد، ومنهم من فرّق بينهما وجعل المنقطع ما يكون بين الراويين رجل لم يذكر)). (٥) مر بنا قبل قليل: أن علقنا هناك أن الذي عليه الأكثرون أنه متصل في إسناده مبهم. (٦) بضم الياء، ثُمَّ مثلثة مفتوحة، ثم ياء ساكنة، وقد تبدل الياء همزة فيقال: أُثيع. انظر: تهذيب الكمال ٣/ ٨٨، والتقريب (٢١٦٠).