ومنها ما يُعْرَفُ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ، كما رَواهُ التِّرْمِذِيُّ (١) وغيرُهُ عنْ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ أنَّهُ قالَ: ((كانَ الماءُ مِنَ الماءِ رُخْصَةً في أوَّلِ الإسلامِ ثُمَّ نُهِيَ عنها))، وكما خَرَّجَهُ النَّسَائِيُّ (٢) عَنْ جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ قالَ: ((كانَ آخِرَ الأمْرينِ مِنْ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - تَرْكُ الوضوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ)) في أشْباهٍ لِذَلِكَ.
ومنها ما عُرِفَ بالتَّاريخِ، كحديثِ شَدَّادِ بنِ أوْسٍ وغيرِهِ، أنَّ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:((أفْطَرَ الحاجِمُ والمحْجُومُ)) (٣)، وحديثُ ابنِ عبَّاسٍ:((أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - احْتَجَمَ وهوَ صَائِمٌ)) (٤)، بَيَّنَ (٥) الشَّافِعِيُّ أنَّ الثَّانيَ ناسِخٌ للأوَّلِ مِنْ حيثُ إنَّهُ رُوِيَ في حديثِ شَدَّادٍ أنَّهُ كانَ مَعَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - زَمانَ الفَتْحِ فَرَأَى رَجُلاً يَحْتَجِمُ في شَهْرِ رَمَضَانَ فقالَ:((أفْطَرَ الحاجِمُ والمحْجُومُ)). ورُوِيَ في حديثِ ابنِ عبَّاسٍ أنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - احْتَجَمَ وهوَ مُحْرِمٌ صَائِمٌ؛
فبانَ بذلكَ أنَّ الأوَّلَ كانَ زَمَنَ الفَتْحِ في سنةِ ثَمانٍ، والثَّاني في حِجَّةِ الوداعِ في
سَنَةِ عَشْرٍ.
(١) جامع الترمذي (١١٠)، وأخرجه الشافعي ١/ ٣٥ و ٣٦، وأحمد ٥/ ١١٥ و ١١٦، والدارمي (٧٦٥) و (٧٦٦)، وابن ماجه (٦٠٩)، وابن خزيمة (٢٢٥) و (٢٢٦)، وابن الجارود (٩١)، والطحاوي ١/ ٧، وابن حبان (١١٧٣) و (١١٧٩)، والطبراني في الكبير (٥٣٨)، والدارقطني ١/ ١٢٦، والبيهقي ١/ ١٦٥. (٢) سنن النسائي ١/ ١٠٨، وأخرجه أبو داود (١٩٢)، وابن خزيمة (٤٣). (٣) أخرجه أحمد ٤/ ١٢٣ و ١٢٤، والدارمي (١٧٣٧)، وأبو داود (٢٣٦٨) و (٢٣٦٩)، وابن ماجه (١٦٨١)، والنسائي في الكبرى (٣١٣٨) و (٣١٥٥). (٤) أخرجه الشافعي ١/ ٢٥٥، والطيالسي (٢٧٠٠)، وعبد الرزاق (٧٥٤١)، والحميدي (٥٠١)، وعلي بن الجعد (١٠٤)، وابن أبي شيبة ٣/ ٥١، وأحمد ١/ ٢١٥ و ٢٢٢، وأبو داود (٢٣٧٣)، والترمذي (٧٧٧)، وأبو يعلى (٢٤٧١)، والطحاوي ٢/ ١٠١، والطبراني (١٢١٣٧)، والدارقطني ٢/ ٢٣٩، والبيهقي ٤/ ٢٦٣. وانظر: التعليق على جامع الترمذي ٢/ ١٣٩. (٥) في (ب): ((ثم بيّن))، وفي (م): ((فبيّن)).