نَعَمْ ... حديثُ:((مَنْ كَذَبَ عليَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) (٣) نراهُ مِثالاً لِذَلِكَ، فإنَّهُ نَقَلَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ - رضي الله عنهم - العَدَدُ الْجَمُّ، وهوَ في " الصحيحينِ " مَرْوِيٌّ عَنْ جَماعَةٍ مِنْهُم. وذَكَرَ أبو بَكْرٍ البَزَّارُ (٤) الحافِظُ الجليلُ في " مُسْنَدِهِ " أنَّهُ رواهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوٌ مِنْ أربَعِينَ رَجلاً مِنَ الصَّحابةِ. وذَكَرَ بعضُ الْحُفَّاظِ أنَّهُ رواهُ عنهُ - صلى الله عليه وسلم - اثنانِ وستُّونَ نَفْساً (٥) مِنَ الصحابَةِ، وفيهم العَشَرَةُ المشْهُودُ لهم بالجنَّةِ. قالَ: وليسَ في (٦) الدُّنيا حديثٌ اجْتَمَعَ عَلَى روايتهِ العَشَرَةُ غيرَهُ، ولا يُعْرَفُ حديثٌ يُرْوَى عَنْ أكْثَر مِنْ سِتِّينَ نَفْساً مِنَ الصَّحابَةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إلاَّ هذا الحديثُ الواحِدُ (٧).
قُلْتُ (٨): وبَلَغَ بِهِمْ بعضُ أهلِ الحديثِ أكثرَ مِنْ هذا العَدَدِ، وفي بعضِ ذَلِكَ عَدَدُ التَّواتُرِ. ثُمَّ لَمْ يَزَلْ عدَدُ رواتِهِ في ازْدِيادٍ وهَلُمَّ جَرّاً عَلَى التَّوالِي والاسْتِمرارِ، واللهُ أعلمُ.
(١) راجع: التقييد والإيضاح: ٢٦٦. (٢) سَبَقَ تخريجه. (٣) حديث صحيح متواتر، وقد خرّجناه مفصّلاً في تحقيقنا لشرح التبصرة والتذكرة، ولا بدَّ من الإشارة إلى أن هذا الحديث قد جمع طرقه غير واحد من العلماء مِنْهُم: الحافظ الطبراني، وجزؤه مطبوع. (٤) انظر: البحر الزخار ٣/ ١٨٨. (٥) قال ابن الجوزي في الموضوعات ١/ ٥٦: ((وقد رواه من الصحابة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحد وستون نفساً)). (٦) في (م): ((وليس لهم في)). (٧) انظر: الموضوعات ١/ ٥٦، وقد عقّب الحافظ العراقي عَلَى هذا الكلام فقال في شرح التبصرة ٢/ ٣٩٣: ((منقوض بحديث المسح عَلَى الخفين، فقد رواه أكثر من ستين من الصحابة، ومنهم العشرة)). وانظر: التقييد: ٢٧٠، ومحاسن الاصطلاح: ٣٩٣، والمقنع: ٢/ ٤٣٧. (٨) في نسخة (ب): ((قال المملي)).