وليقتَدِ بِمَالِكٍ - رضي الله عنه - فيما أخْبَرَناهُ أبو القاسِمِ الفَرَاويُّ بِنَيْسَابورَ، قالَ: أخْبَرَنا (٤) أبو المعالِي الفارِسِيُّ، قالَ: أخبرنا أبو بكرٍ البَيْهَقِيُّ الحافِظُ، قالَ: أخبرنا أبو عبدِ اللهِ الحافِظُ، قالَ: أخبرني إسماعيلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الفَضْلِ بنِ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا جَدِّي، قالَ: حَدَّثَنا إسماعيلُ بنُ أبي أُوَيْسٍ، قالَ:((كانَ مالكُ بنُ أنسٍ إذا أرادَ أنْ يُحَدِّثَ تَوَضَّأَ (٥)، وجَلَسَ عَلَى صَدْرِ فِراشِهِ وسَرَّحَ لِحْيَتَهُ، وتَمَكَّنَ في جُلُوسِهِ بِوَقارٍ وهَيْبَةٍ، وحدَّثَ))، فقِيلَ لهُ في ذَلِكَ؟ فقالَ: أُحِبُّ أنْ أُعَظِّمَ حديثَ رسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (٦) ولاَ أُحَدِّثُ إلاَّ عَلَى طَهَارَةٍ مُتَمَكِّناً. وكانَ يَكْرَهُ أنْ يُحَدِّثَ في الطريقِ، أو هوَ قائِمٌ، أو يَسْتَعْجِلَ. وقالَ: أُحِبُّ أنْ أتَفَهَّمَ ما أُحَدِّثُ بهِ عَنْ رسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -)).
ورُوِيَ أيضاً عنهُ أنَّهُ كانَ يَغْتَسِلُ لِذَلِكَ ويَتَبَخَّرُ، ويَتَطَيَّبُ، فإنْ رَفَعَ أحدٌ صَوْتَهُ في مَجْلِسِهِ زَبْرَهُ (٧)، وقالَ: قالَ اللهُ تَعَالَى: {يَا أيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ}(٨)، فَمَنْ رَفَعَ صَوتَهُ عِنْدَ حديثِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فكأنَّما رَفَعَ صَوْتَهُ فوقَ صَوتِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (٩).
(١) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ١١/ ٢٥٦ رقم (٢٠٤٧٥)، والخطيب في جامعه (٧٧٥). (٢) روى الخطيب في جامعه١/ ٣٤٠ (٧٧٨) عن الزُّهْرِيّ قال، قال: ((كان عروة يتألف الناس عَلَى حديثه)). (٣) جملة: ((والله أعلم)) سقطت من (ع)، وهي من النسخ و (م). (٤) في (م): ((حَدَّثَنا)). (٥) انظر: نكت الزركشي ٣/ ٦٤٥. (٦) في (جـ) بعد هذا زيادة: ((بذلك)). (٧) في (م): ((زجره))، والمعنى واحد، فالزبر: الانتهار، يقال: زَبَرَهُ عن الأمر زَبْراً انتهره، والزَّبر أيضاً: الزَّجْرُ والمنع والنَّهْي، يقال: زَبَرَهُ عن الأمر زَبْراً: نهاه ومنعه. انظر: اللسان ٤/ ٣١٥، وتاج العروس ١١/ ٣٩٩. (٨) الحجرات: ٢. (٩) أخرجه الخطيب في الجامع (٩٦١)، وانظر: تفسير الطبري ٢٦/ ٧٤، والدر المنثور ٧/ ٥٤٧.