وحَكَى ابنُ عبدِ البرِّ (٢) عَنْ أبي بكرٍ البِرْدِيْجِيِّ (٣): أنَّ حرفَ ((أنَّ)) محمولٌ على الانقطاعِ حَتَّى يتبيَّنَ السَّماعُ في ذلكَ الخبرِ بعينِهِ مِنْ جِهَةٍ أخرى (٤). وقالَ: عِندي لا معنًى لهذا؛ لإجماعِهِم عَلَى أنَّ الإسنادَ المتَّصِلَ بالصحابيِّ سواءٌ فيهِ، قالَ:((قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -))، أو ((أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:))، أو:((عَنْ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ قالَ))، أو:
((سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ:))، واللهُ أعلمُ.
قُلتُ (٥): ووَجدْتُ مِثلَ ما حكاهُ عَنِ البِرْدِيجيِّ أبي بكرٍ الحافظِ، للحافظِ
(١) في التمهيد ١/ ١٢. (٢) التمهيد ١/ ٢٦. (٣) بَرْدِيج: على وزن (فَعْليل) - بفتح أوله - بُليدة بينها وبين برذعة نحو أربعة عشر فرسخاً، ولهذا يقال له: البرديجي والبرذعي، فمن نحا بها نحو أوزان العرب كسر أولها؛ نظراً إلى أنَّهُ لَيْسَ في كلامهم (فعليل) - بفتح الفاء - كما أشار إليه الصاغاني، فقال: بِرديج - بكسر أوله - بليدة بأقصى أذربيجان، والعامة يفتحون باءها. فالمراد أن مَن نطق بها على مقتضى تسميتها العجمية فتح الباء على الحكاية، ومن سلك بها مسلك أهل العربية كسر الباء)). وانظر: الأنساب ١/ ٣٢٨، ومراصد الاطلاع ١/ ١٨١، ونكت الزركشي ٢/ ٣٣، ومحاسن الاصطلاح ١٥٤، ونكت ابن حجر ٢/ ٥٩٤، وتاج العروس ٥/ ٤٢٠. وجاءت حاشية للمصنّف بنحو هذا في حاشية (ب) و (جـ)، ونقلها كل من الزركشي، وابن حجر، ومحققة (م). (٤) وإلى نحو قول البرديجي ذهب الطحاوي في شرح المشكل ١٥/ ٤٦٣ (٦١٥٨) فقال: ((الفرق فيما بين ((عن)) و ((أنَّ)) في الحديث: أنَّ معنى ((عن)) على السماع حتّى يُعلم سواه، وأنَّ معنى ((أنَّ)) على الانقطاع حتى يعلم ما سواه)). (٥) سقطت من (ب) و (جـ).