فيحتاج من احتج به إلى أن يثبت أن لفظة «حق» بمعنى واجب فى عرف الشارع، وأن لفظة «واجب» بمعنى ما ثبت من طريق الآحاد، والله أعلم.
وقد كان- صلى الله عليه وسلم- يصلى وعائشة راقدة معترضة على فراشه، فإذا أراد أن يوتر أيقظها فتوتر «١» ، كما فى البخارى. وهذا يدل على استحباب الوتر فى آخر الليل، سواء المتهجد وغيره، ومحله إذا وثق أن يستيقظ بنفسه أو بإيقاظ غيره. واستدل به على وجوب الوتر، لكونه- صلى الله عليه وسلم- سلك به مسلك الواجب، حيث لم يدعها نائمة للوتر، وأبقاها للتهجد.
وتعقب: بأنه لا يلزم من ذلك الوجوب، نعم يدل على تأكيد أمره بالوتر، وأنه فوق غيره من النوافل الليلية. وفيه: استحباب إيقاظ النائم لإدراك الصلاة، ولا يختص ذلك بالمفروضة ولا بخشية خروج الوقت، بل يشرع ذلك لإدراك الجماعة، وإدراك أول الوقت وغير ذلك من المندوبات.
قال القرطبى: ولا يبعد أن يقال: إنه واجب فى الواجب، مندوب فى المندوب، لأن النائم وإن لم يكن مكلفا لكن مانعه سريع الزوال، فهو كالغافل، وتنبيه الغافل واجب والله أعلم.
وعن على: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوتر بثلاث يقرأ فيهن بتسع سور من المفصل، يقرأ فى كل ركعة بثلاث سور آخرهن قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ «٢» رواه الترمذى. وعن ابن عباس: كان يقرأ فى الوتر ب سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى «٣» وقُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ «٤» وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ «٥» فى كل ركعة «٦» .
(١) صحيح: أخرجه البخارى (٥١٢) فى الصلاة، باب: الصلاة خلف النائم، ومسلم (٥١٢) فى الصلاة، باب: الاعتراض بين يدى المصلى، من حديث عائشة- رضى الله عنها-. (٢) ضعيف جدّا: أخرجه الترمذى (٤٦٠) فى الصلاة، باب: ما جاء فى الوتر بثلاث، من حديث على بن أبى طالب- رضى الله عنه-، وقال الألبانى: ضعيف جدّا. (٣) سورة الأعلى: ١. (٤) سورة الكافرون: ١. (٥) سورة الإخلاص: ١. (٦) صحيح: أخرجه الترمذى (٤٦٢) فى الصلاة، باب: ما جاء فيما يقرأ به فى الوتر، والنسائى (٣/ ٢٣٦) فى الصلاة، من حديث ابن عباس- رضى الله عنهما- والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن الترمذى» .