يلتفت إلى الشعب، حتى إذا قضى الصلاة قال:«أبشروا قد جاء فارسكم»«١» .
فهذا الالتفات من الاشتغال بالجهاد فى الصلاة، وهو يدخل فى مداخل العبادات، كصلاة الخوف، وقريب منه قول عمر- رضى الله عنه- إنى لأجهز الجيش وأنا فى الصلاة، فهذا جمع بين الصلاة والجهاد، ونظيره التفكير فى معانى القرآن واستخراج كنوز العلم منه.
وكان- صلى الله عليه وسلم- يصلى فعرض له الشيطان ليقطع عليه صلاته، فأخذه وخنقه حتى سال لعابه على يديه «٢» . وروى مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه قال: أتيت النبى- صلى الله عليه وسلم- وهو يصلى، ولجوفه أزيز كأزيز المرجل «٣» ، يعنى يبكى، وفى رواية: ولصدره أزيز كأزيز الرحى من البكاء. رواه أحمد.
ولم يكن- صلى الله عليه وسلم- يغمض عينيه فى صلاته.
وعن أنس قال: كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها. فقال- صلى الله عليه وسلم-:
«أميطى عنا قرامك هذا فإنه لا تزال تصاويره تعرض لى فى صلاتى»«٤» . رواه البخارى.
ولو كان يغمض عينيه لما عرضت له فى صلاته، وقد اختلف الفقهاء فى كراهيته، والحق أن يقال: إن كان تفتيح العين لا يخل بالخشوع فهو أفضل، وإن كان يحول بينه وبين الخشوع كأن يكون فى قبلته زخرفة أو غيرها
(١) صحيح: أخرجه أبو داود (٢٥٠١) فى الجهاد، باب: فضل الحرس فى سبيل الله تعالى، والحاكم فى «المستدرك» (٢/ ٩٣) وقال: صحيح على شرط الشيخين، وهو كما قال. (٢) رجاله ثقات: أخرجه أحمد فى «المسند» (٣/ ٨٢) ، من حديث أبى سعيد الخدرى بسند رجاله ثقات، وهو فى الصحيحين بنحوه. (٣) صحيح: أخرجه أبو داود (٩٠٤) فى الصلاة، باب: البكاء فى الصلاة، والنسائى (٣/ ١٣) فى السهو، باب: البكاء فى الصلاة، وأحمد فى «المسند» (٤/ ٢٥) بسند صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن النسائى» . (٤) صحيح: أخرجه البخارى (٣٧٤) فى الصلاة، باب: إن صلى فى ثوب مصلب أو تصاوير هل تفسد صلاته؟، من حديث أنس- رضى الله عنه-.