رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَوْفَلَ بْنَ مُعَاوِيَةَ الدّيلِيّ فَقَالَ: يَا نَوْفَلُ:
ما تقول؟ أوترى [ (١) ] . فَقَالَ نَوْفَلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، ثَعْلَبٌ فِي جُحْرٍ، إنْ أَقَمْت عَلَيْهِ أَخَذْته، وَإِنْ تَرَكْته لَمْ يَضُرّك شَيْئًا. قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: وَلَمْ يُؤْذَنْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فَتْحِهَا. قَالَ: فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ وَأَذّنَ فِي النّاسِ بِالرّحِيلِ. قَالَ: فَجَعَلَ النّاسُ يَضِجّونَ مِنْ ذَلِكَ.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فَاغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ. فَغَدَوْا فَأَصَابَتْ الْمُسْلِمِينَ جِرَاحَاتٌ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّا قَافِلُونَ إنْ شَاءَ اللهُ! فَسُرّوا بِذَلِكَ وَأَذْعَنُوا [ (٢) ] ، وَجَعَلُوا يَرْحَلُونَ وَالنّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ. فَلَمّا اسْتَقَلّ النّاسُ لِوَجْهِهِمْ نَادَى سَعْدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ أُسَيْدِ بْنِ عَمْرِو ابن عِلَاجٍ الثّقَفِيّ قَالَ: أَلَا إنّ الْحَيّ مُقِيمٌ. قَالَ: يَقُولُ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ:
أَجَلْ وَاَللهِ، مَجَدَةٌ كِرَامٌ! فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: قَاتَلَك اللهُ، تَمْدَحُ قَوْمًا مُشْرِكِينَ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ جِئْت تَنْصُرُهُ؟ فَقَالَ: إنّي وَاَللهِ مَا جِئْت مَعَكُمْ أُقَاتِلُ ثَقِيفًا، وَلَكِنْ أَرَدْت أَنْ يَفْتَحَ مُحَمّدٌ الطّائِفَ فَأُصِيبَ جَارِيَةً مِنْ ثَقِيفٍ فَأَطَأهَا لَعَلّهَا تَلِدُ لِي رَجُلًا، فَإِنّ ثَقِيفًا قَوْمٌ مُبَارَكُونَ. فَأَخْبَرَ عُمَرُ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَقَالَتِهِ، فَتَبَسّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمّ قَالَ: هَذَا الْحُمْقُ الْمُطَاعُ! وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ حِينَ أَرَادُوا أَنْ يَرْتَحِلُوا: قُولُوا لَا إلَهَ إلّا اللهُ وَحْدَهُ، صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وحده! فلمّا ارتحلوا واستقلّوا قال: قولوا آئبون إنْ شَاءَ اللهُ، عَابِدُونَ، لِرَبّنَا حَامِدُونَ! وَلَمّا ظَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الطّائِفِ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اُدْعُ اللهَ عَلَى ثَقِيفٍ. قَالَ: اللهُمّ اهْدِ ثَقِيفًا وائت بهم!
[ (١) ] فى الطبري، يروى عن الواقدي: «ما ترى فى المقام عليهم» . (التاريخ، ص ١٦٧٣) .[ (٢) ] أذعن: أسرع فى الطاعة. (القاموس المحيط، ج ٤، ص ٢٢٥) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute