مَعَ دُرَيْدٍ، شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا قِتَالَ فِيهِ. ابْنُ سِتّينَ وَمِائَةِ سَنَةً. وَأَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ مَعَ مَالِكٍ، فَلَمّا رَأَى ذَلِكَ دُرَيْدٌ وَأَنّهُمْ قَدْ خَالَفُوهُ، قَالَ: هَذَا يَوْمٌ لَمْ أَشْهَدْهُ وَلَمْ أَغِبْ عَنْهُ:
يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعْ ... أَخُبّ فِيهَا وَأَضَعْ
وَكَانَ دُرَيْدٌ قَدْ ذُكِرَ بِالْفُرُوسِيّةِ وَالشّجَاعَةِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عِشْرُونَ سَنَةً، وَكَانَ سَيّدَ بَنِي جُشَمٍ وَأَوْسَطَهُمْ نَسَبًا، وَلَكِنّ السّنّ أَدْرَكَتْهُ حَتّى فَنِيَ فَنَاءً- وَهُوَ دُرَيْدُ بْنُ الصّمّةِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ.
قَالَ: حَدّثَنِي مَعْمَرٌ، عَنْ الزّهْرِيّ، قَالَ: افْتَتَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكّةَ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ رَمَضَانَ، وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ [ (١) ] قَالُوا: وَكَانَ فَتْحُ مَكّةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِعَشْرٍ بَقِينَ مِنْ رَمَضَانَ. فَأَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ يُصَلّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمّ غَدَا يَوْمَ السّبْتِ لِسِتّ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ شَوّالٍ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى مَكّةَ عَتّابَ بْنِ أُسَيْدٍ يُصَلّي بِهِمْ، وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ يُعَلّمُهُمْ السّنَنَ وَالْفِقْهَ.
قَالُوا: وَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، عَشَرَةِ آلَافٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَلْفَيْنِ مِنْ أَهْلِ مَكّةَ، فَلَمّا فَصَلَ [ (٢) ] قَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: لَوْ لَقِينَا بَنِي شَيْبَانَ مَا بَالَيْنَا [ (٣) ] ، وَلَا يَغْلِبُنَا الْيَوْمَ أَحَدٌ مِنْ قِلّةٍ. فَأَنْزَلَ اللهُ عَزّ وَجَلّ فِي ذَلِكَ: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ [ (٤) ] الآية
[ (١) ] سورة ١١٠ النصر ١[ (٢) ] فصل: أى خرج. (الصحاح، ص ١٧٩٠) .[ (٣) ] بالي بالشيء يبالى إذا اهتم به. (لسان العرب، ج ١٨، ص ٩١) .[ (٤) ] سورة ٩ التوبة. ٢٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute