عندنا ولا درهم. قال: فاذْهَبْ، فإنَّ الله يأتي به. قال: من أين؟ قال: سبحان الله! ورفع صوتَه بالتلبية، وفعلَ أصحابُه كذلك.
وكان إبراهيم بنُ هشام المخزوميُّ قد حجَّ في تلك السنة، فسمع أصواتهم، فقال: من هؤلاء؟ قالوا: محمدٌ وأصحابُه يحجُّون كلَّ عام، ومحمدٌ يحملُهم ويتحمَّلُ مُؤْنَتَهم. فقال: ما بدٌّ أن يُعانَ محمدٌ على هذا. فأرسلَ إليه بأربعة آلاف درهم من ساعته، فقال محمد لغلامه: ويحك! ألم أقل لك: اذْهبْ فاشتِر لنا؟ اذهب الآن فقد أتانا الله بما ترى (١).
و [حكى عنه أبو نعيم] قال: كابدتُ نفسي أربعين سنة حتَّى استقامت (٢).
[قال: وكان يقول: آيةٌ في كتاب الله أبكَتْني: ﴿وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ﴾ [الزمر: ٤٧](٣).
وحكى أبو نُعيم أنَّه قال (٤):، إن الله يحفظُ المؤمنَ في ولده وولدِ ولدِه ودُويرَةِ أهلِه ودُويراتِ مَنْ حولَه، فلا يزالون في حفظ الله ورعايته ما دام المؤمن بين أظهرهم.
و [حكى عنه أيضًا أنَّه] قال: الفقيه يدخل بين الله وبين عباده، فلينظر كيف يدخل (٥).
ذكر وفاته:
[قال ابن سعد:] توفي سنة ثلاثين [ومئة]، أو إحدى وثلاثين [ومئة](٦).
وقيل: سنة سبع وعشرين، أو ثمان وعشرين وله ست وسبعون سنة.
وكان ثقة ورعًا عابدًا قليل الحديث، يكثر الإسناد عن جابر بن عبد الله (٧).
(١) طبقات ابن سعد ٧/ ٤٤٢ - ٤٤٣، وتاريخ دمشق ٦٥/ ٥١، وما سلف بين حاصرتين من (ص). (٢) حلية الأولياء ٣/ ١٤٧، وتاريخ دمشق ٦٥/ ٥١، وما سلف بين حاصرتين من (ص). (٣) بنحوه في "حلية الأولياء" ٣/ ١٤٦. (٤) حلية الأولياء ٣/ ١٤٨، وعنه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" ٦٥/ ٦٥، والكلام الواقع بين حاصرتين من (ص). (٥) حلية الأولياء ٣/ ١٥٣. والكلام بين حاصرتين من (ص). (٦) طبقات ابن سعد ٧/ ٤٤٤. وما سلف بين حاصرتين من (ص). (٧) المصدر السابق.