إذا ذُكِرَتْ يرتاعُ قلبي لذكرها … كما انتفض العصفورُ من بَلَلِ القَطْرِ
لقد فُضِّلَتْ ليلى على الناسِ كلِّهمْ … كما أَلْفَ شهرٍ فُضِّلَتْ ليلةُ القَدْرِ (١)
أُحِبُّ الحِمَى من أجل ليلى وساكنًا … على الغَمْر إن نُبِّئْتُ ليلى على الغَمْرِ
مَرَرْتُ على الرِّعْيانِ أَنْشُدُ ناقتي … وما ليَ فيهم من قَلُوصٍ ولا بَكْرِ
وما أَنْشُدُ الرِّعْيانَ إلا تَعِلَّةً … لواضحةٍ كالبانِ طيِّبةِ النَّشْرِ (٢)
وقال الرِّياشي: مرَّ به الأحوص الشاعر، فقال له قيس: أنْشِدْني، فأنشده، فقال المجنون:
عجبتُ لعروةَ العُذْريِّ أضْحَى … أحاديثًا لقومٍ بعد قوم
وعروةُ مات موتًا مستريحًا … وها أنا ذا أُموَّتُ كلَّ يومِ (٣)
وقال:
أَجِدَّكَ (٤) لا تُنسيك ليلى مُلِمَّةٌ … تُلِمُّ ولا يُنسيك عهدًا تَقَادُمُهْ
أفِقْ قد أفاقَ العاشقون وقد أنى … لدائك أن يلقى طبيبًا يلائمُهْ] (٥)
ومن شعره:
أيا بانةَ الوادي أليس مصيبةٌ … من الدهر أن يُحْمَى عليَّ ظِلالُكِ
ألا قد أرى واللهِ حبَّكِ شاملًا … فؤادي وإني مُحْصَرٌ لا أنَالُكِ
أرى الناسَ يرجون الرييعَ وإنَّما … ربيعي الذي أرجوه حُسْنُ نَوالِكِ
فلو قلتِ طَأْ في النارِ أعلمُ أنَّه … رِضًى لكِ أو مُدْنٍ لنا من وصالكِ
لقدَّ مْتُ رِجْلي نحوَها فوَطِئْتُها … لعلميَ أنِّي قد خطرتُ ببالكِ (٦)
ومرَّ قيس يومًا بحمامةٍ على غصن وهي تهتف، فغُشِيَ عليه، فلما أفاق قال:
(١) رواية "الديوان" ص ١٦٠ والمصادر: … على الناس مثلَ ما … على ألفِ شهرٍ فُضِّلَتْ ليلةُ القَدْرِ. وهي أجود.
(٢) لم أقف على جميع الأبيات، وينظر "الأغاني" ٢/ ٢١ - ٢٢، و "المنتظم" ٦/ ١٠٥.
(٣) الأغاني ٢/ ٨٤، و "المنتظم" ٦/ ١٠٨ - ١٠٩ "والديوان ص ٢٥٦. بنحوه.
(٤) أي: أجِدًّا منك؟ قال الفيروز آبادي في "القاموس": لا يقال إلا مضافًا، وإذا كسر (يعني الجيم): استحلفه بحقيقته، وإذا فتح استحلفه بِبَخْتِه.
(٥) الأغاني ٢/ ٦، والديوان ص ٢٤٨ بنحوه. ومن قوله: وقال هشام: نزلت ليلى منزلًا ثم رحلت (قبل ثلاث صفحات) … إلى هذا الموضع (وهو بين حاصرتين) من (م) وحدها.
(٦) الأبيات (عدا الثاني) ضمن قصيدة في "الحماسة البصرية" ٢/ ١٠٧ ونسبت لعبد الله بن الدمينة. وهي في النسخ الخطية غير (م) فلم ترد فيها.