فإن قيل: فلِمَ قال رسول الله ﷺ: لو سرقت فاطمة؟ ولمَ خصَّ بذلك ابنتَه؟
فالجواب من وجهين:
أحدهما: أن اسم المخزومية فاطمة بنت الأسود، فاتفق الاسمان.
والثاني: أنه ضربَ المثل بأعز الخلق عليه زجرًا للغير، وحفظًا لأموال الناس].
و [ذكر ابنُ عساكر عن عبد الله بن دينار قال (١):] كان عمر بن الخطاب إذا لقيَ أسامةَ قال له: السلام عليك أيها الأمير. فيقول أسامة: وعليك السلام يا أمير المؤمنين، إليَّ تقول هذا؟! فيقول عمر رضوان الله عليه: لا أزالُ أدعوك الأمير ما عشتُ؛ لأنَّ رسول الله ﷺ ماتَ وأنتَ أميرٌ عليّ.
وقال ابنُ عساكر: قدم أسامة الشام، فنزل المِزَّةَ، واختار المُقام بها، فأقطعَه معاوية إيَّاها (٢).
وقال: إن أسامة وفدَ على معاوية، فأقعدَه معه على سريره، ولاطَفَه. فمدَّ أسامةُ رِجْلَه، فقال معاوية: يرحمُ اللهُ أمَّ أيمن، كأنِّي أنظرُ إلى ظُنْبُوبِ ساقِها بمكّة؛ كأنه ظُنْبُوبُ نَعامة خرجاء. فقال أسامة: فعل الله بك وصنع يا معاوية، هي واللهِ خيرٌ منك ومن أبيك ومن أمِّك، وأكرمُ على الله. فقال معاوية: وأكرمُ أيضًا؟! فقال أسامة: نعم، إن أكرمكم عند الله أتقاكم (٣).
[والظُّنبوب: العظم اليابس من قُدُم الساق.
وقال البلاذري: لما نهض علي ﵇ لقتال أهل الجمل؛ دعا أُسامةَ بن زيد إلى الخروج معه، فاعتذر بقتل الرجل الذي قتله في بعض سراياه، وعاتبه رسول الله ﷺ وقال:"أقتَلتَه بعد أن قال: لا إله إلا الله؟! ". وقد ذكرناه (٤).
(١) تاريخ دمشق ٢/ ٦٩٢ (مصورة دار البشير). (٢) تاريخ دمشق ٢/ ٦٨٠. (٣) أنساب الأشراف ٤/ ٤٢، وتاريخ دمشق ٢/ ٦٩٩. (٤) ينظر "أنساب الأشراف" ١/ ٥٦٤ و ٢/ ١٤٩.