فلما قدمنا على رسول الله ﷺ أخبرناه الخبر، فأنكر علينا رسول الله ﷺ، فأنزل الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾ [النساء: ٩٤] الآية (١).
قال المصنف ﵀: وهذا أحد الأقوال في سبب نزول هذه الآية.
والثاني: أن المقداد خرج في سرية إلى قوم، فوجدهم قد تفرقوا وبقي منهم رجلٌ كثيرُ المالِ، فقصده المقداد فقال: أشهد أن لا إله إلَّا الله، فقتله، فنزلت هذه الآية (٢).
والثالث: أن رجلًا من بني سُلَيمٍ مرَّ على نفر من المسلمين ومعه غنم فسلم عليهم فقالوا: ما سلَّم إلَّا مُتَعَوِّذًا، فقتلوه وأخذوا غنمه (٣).
والرابع: أنها نزلت في سرية كان فيها أسامة بن زيد ﵄ أغار على قوم فهربوا وبقي منهم رجل قد أسلم يقال له: مِرْداس، فسلَّم عليهم، فقتله أسامة (٤).
وقيل: إنَّما كان أميرُ السرية غالبَ بنَ فَضالةَ وأسامة معه.
وقال الواقدي: إنَّما بعث رسول الله ﷺ هذه السرية في رمضان، وكانوا ثمانيةً، ثم خرجوا إلى غزاة الفتح فبلغهم خروجه فوافَوْه بالسُّقْيا (٥).
وفيها: عُمِلَ المنبرُ، وقيل: في سنة سبع، قيل: عمله غلام للعباس يقال له: كِلاب، وقيل: صُباح، وقيل: غلام لامرأة من الأنصار يقال له: مِيْنا.
وقال أبو هريرة: كان رسول الله ﷺ يخطب إلى جذع في المسجد، فشق عليه القيام فقال له تميم الداري: يا رسول الله، ألا أصنع لك منبرًا كما يصنعون بالشام؟ فشاور رسول الله ﷺ أصحابه فقالوا: لا بأس به، فقال العباس بن عبد المطّلب: يا رسول الله،
(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٣٨٨١). (٢) أخرجه الطّبرانيّ في "الكبير" (١٢٣٧٩) من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس ﵁ أن رسول الله ﷺ بعث سرية فيها المقداد بن الأسود … وأخرجه الواحدي في "أسباب النزول" ص ١٦٥ من حديث سعيد بن جبير قال: خرج المقداد بن الأسود في سرية .... (٣) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٠٢٣) من حديث ابن عباس. (٤) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٥/ ٢٦٣ - ٢٦٤. (٥) انظر "الطبقات" ٢/ ١٢٣ - ١٢٤.