إلا هذين. وكذلك قول العرب: ما أكاد أَبرحُ منزلي وليس يبرحه وقد يكون أن يبرحه قليلا. والوجه الآخر- أن يكونوا يصدقون بالشيء قليلا ويكفرون بما سواه: بالنبي صلى اللَّه عليه وسلم فيكونون كافرين وذلك أنه يقال: من خلقكم؟
ومن رزقكم؟ فيقولون: اللَّه تبارك وتعالى، ويكفرون بما سواه: بالنبي صلى اللَّه عليه وسلّم وبآيات اللَّه، فذلك قوله: فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ. وكذلك قال المفسرون فِي قول اللَّه:«وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ»«١» على هذا التفسير.
وقوله: فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ ... (٩٠)
لا يكون باؤ مفردة حَتَّى توصل بالباء. فيقال: باء بإثم يبوء بوءا.
وقوله بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ أن اللَّه غضب على اليهود فِي قولهم:«يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ»«٢» . ثُمَّ غضب عليهم فِي تكذيب مُحَمَّد صلى اللَّه عليه وسلّم حين دخل المدينة، فذلك قوله:«فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ» .
وقوله: وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ ... (٩١)
يريد سواه، وذلك كثير فِي العربية أن يتكلم الرجلُ بالكلام الْحَسَن فيقول السامع: ليس وراء هذا الكلام شيءٌ، أي ليس عنده شيءٌ سواه.