مِنْ فَارِسَ، أَوْ قَالَ مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسَ» . وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْ كَانَ الْإِيمَانُ بِالثُّرَيَّا لَنَالَهُ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ فَارِسَ» . وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالضِّيَاءُ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ فِي أَصْلَابِ أَصْلَابِ أَصْلَابِ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِي رِجَالًا وَنِسَاءً مِنْ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، ثُمَّ قَرَأَ: وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ قَالَ: الدِّينُ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ: مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها قَالَ: الْيَهُودُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: أَسْفاراً قال: كتبا.
[سورة الجمعة (٦٢) : الآيات ٩ الى ١١]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٩) فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٠) وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (١١)
قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ أَيْ: وَقَعَ النِّدَاءُ لَهَا، وَالْمُرَادُ بِهِ الْأَذَانُ إِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمْعَةِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِدَاءٌ سِوَاهُ، وَقَوْلُهُ: مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بيان لإذا وَتَفْسِيرٌ لَهَا. وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: إِنَّ «مِنْ» بِمَعْنَى «فِي» ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ «١» أَيْ فِي الْأَرْضِ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: «الْجُمُعَةِ» بِضَمِّ الْمِيمِ. وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَالْأَعْمَشُ بِإِسْكَانِهَا تَخْفِيفًا. وَهُمَا لُغَتَانِ، وَجَمْعُهَا جُمَعٌ وَجُمُعَاتٌ. قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ الْجُمْعَةُ بِسُكُونِ الْمِيمِ وَبِفَتْحِهَا وَبِضَمِّهَا. وَهِيَ صِفَةٌ لِلْيَوْمِ، أَيْ: يَوْمَ يُجْمَعُ النَّاسُ، قَالَ الْفَرَّاءُ أَيْضًا وَأَبُو عُبَيْدٍ: وَالتَّخْفِيفُ أَخَفُّ وَأَقْيَسُ، نَحْوَ: غُرْفَةٌ وَغُرَفٌ، وَطُرْفَةٌ وَطُرَفٌ، وَحُجْرَةٌ وَحُجَرٌ. وَفَتْحُ الْمِيمِ لُغَةُ عَقِيلٍ. وَقِيلَ: إِنَّمَا سُمِّيَتْ جُمَعَةً لِأَنَّ اللَّهَ جَمَعَ فِيهَا خَلْقَ آدَمَ، وَقِيلَ: لِأَنَّ اللَّهَ فَرَغَ فِيهَا مِنْ خَلْقِ كُلِّ شَيْءٍ فَاجْتَمَعَتْ فِيهَا جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ، وَقِيلَ:
لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِيهَا لِلصَّلَاةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ قَالَ عَطَاءُ: يَعْنِي الذَّهَابَ وَالْمَشْيَ إِلَى الصَّلَاةِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْمُضِيُّ وَالسَّعْيُ وَالذَّهَابُ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قِرَاءَةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِ مَسْعُودٍ فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ الْقَصْدُ. قَالَ الحسن: والله ما هو بسعي عَلَى الْأَقْدَامِ، وَلَكِنَّهُ قَصْدٌ بِالْقُلُوبِ وَالنِّيَّاتِ، وَقِيلَ: هُوَ الْعَمَلُ كَقَوْلِهِ: مَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ «٢» وقوله:
إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى «٣» وَقَوْلُهُ: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا مَا سَعى «٤» قال القرطبي: وهذا قول
(١) . فاطر: ٤٠ والأحقاف: ٤. [.....](٢) . الإسراء: ١٩.(٣) . الليل: ٨٤.(٤) . النجم: ٣٩.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute