و «الصراط المستقيم» دين الإسلام، «وناكبون» : أَي: مجادلون ومُعْرِضُون، وقال البخاريُّ: لَناكِبُونَ: لعادلون، انتهى.
قال أبو حيان «٢» : يقال: نكب عن الطريقِ ونَكَّبَ بالتشديد، أي: عَدَلَ عنه، انتهى، ثم أخبر تعالى عنهم أنهم لو زال عنهم القَحْطُ، ومَنَّ اللَّه عليهم بالخصب، ورَحِمَهُم بذلك- لبقوا على كفرهم ولَجُّوا في طغيانهم، وهذه الآية نزلت في المُدَّةِ التي أصاب فيها قريشاً السِّنُونَ الجَدْبَةُ والجُوعُ الذي دعا به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في قوله:«اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِيُ يُوسُفَ»«٣» الحديث.
وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ، قال ابن عباس وغيره «٤» : هو الجوعُ والجَدْبُ حَتَّى أكلوا الجلود وما جرى مجراها، ورُوِيَ أَنَّهم لما بلغهم الجَهْدُ رَكِبَ أبو سفيانُ، وجاءَ إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالمدينة فقال: يا محمد، ألستَ تزعمُ أَنَّك بُعِثْتَ رحمةً للعالمين؟ قال: بلى، قَالَ: قَدْ قَتَلْتَ الآباءَ بِالسَّيْفِ، واْلأَبْنَاءَ بِالْجُوعِ، وَقَدْ أكلنا العلهز «٥» فنزلت «٦» الآية،
(١) أخرجه الطبريّ (٩/ ٢٣٤) برقم (٢٥٦٢٦) ، وذكره البغوي (٣/ ٣١٤) ، وابن عطية (٤/ ١٥١) ، والسيوطي (٥/ ٢٥) ، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس. (٢) ينظر: «البحر المحيط» (٦/ ٣٨٣) . (٣) تقدم. (٤) أخرجه الطبريّ (٩/ ٢٣٥) برقم (٢٥٦٣٢) ، وذكره ابن عطية (٤/ ١٥٢) . (٥) العلهز: وبر يخلط بدماء الحلم، كانت العرب تأكله في الجاهلية تأكله في الجدب. (٦) أخرجه النسائي في «التفسير» (٢/ ٩٨- ٩٩) رقم (٣٧٢) ، والطبريّ في «تفسيره» (٩/ ٢٣٥- ٢٣٦) رقم (٢٥٦٣٢) ، وابن حبان (١٧٥٣- موارد) ، والطبراني (١١/ ٣٧٠) رقم (١٢٠٣٨) ، والحاكم (٢/ ٣٩٤) ، والبيهقي في «الدلائل» (٢/ ٩٠- ٩١) من طريق عكرمة عن ابن عباس. وصححه ابن حبان، والحاكم، ووافقه الذهبي. وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٢٦) ، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم، وابن مردويه.