ولهذا حكى القاضى الباقلانى أن أوَّل مصحفه كان:"اقرأ باسم ربك الأكرم"، وأول مصحف ابن مسعود:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ثم البقرة ثم النساء١ [على ترتيب مختلف، وأول مصحف أُبَيّ:"الحمد لله" ثم النساء] ١ ثم آل عمران, ثم الأنعام, ثم المائدة، ثم كذا، على اختلاف شديد.
ثم قال القاضى٢: ويحتمل أن ترتيب السور في المصحف على ما هو عليه اليوم، من اجتهاد الصحابة -رضى الله عنهم, وكذا ذكر مكى فى تفسير سورة براءة، قال: فأما ترتيب الآيات والبسملة فى الأوائل فهو من النبى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال ابن "٢" وهب في "جامعه"٣: سمعت سليمان بن بلال يقول: سُئِلَ ربيعة: لم قدَّمت البقرة وآل عمران، وقد نزل قبلهما بضع وثمانون سورة؟ فقال: قُدِّمَتا وأُلِّفَ القرآن على علمٍ مِمَّنْ أَلَّفَه، وقد أجمعوا على العلم بذلك، فهذا مما ينتهى إليه ولا يسأل عنه.
قال ابن وهب: وسمعت مالكا يقول: إنما أُلِّفَ القرآن على ما كانوا يسمعونه من النبى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال أبو الحسن٢ بن بطال:"إنما يجب"٤ تأليف سورة فى الرسم والخط خاصَّة، ولا نعلم أن أحدًا قال: إن ترتيب ذلك واجب في الصلاة والقرآن ودرسه، وأنه لا يحلُّ لأحدٍ أن يتلقَّن الكهف قبل البقرة، ولا الحج بعد الكهف، ألا ترى إلى قول عائشة: لا يضرُّك أية قرأت قبل، وقد
"١-١" ساقط من "جـ". ٢ انظر هذه النقول في "تفسير القرطبي" "١/ ٦٠-٦١" ولم ينقلها المصنف -رحمه الله- بنصها، بل تصرَّف فيها. ٣ في "أ": "طائفة". ٤ في ط"أ": "إنا نجد"!