وفرض الله (١) على «السمع»: أن يتنزه عن الاستماع إلى ما حرّم الله، وأن يُغْضى (٢) عما نهى الله عنه، فقال في ذلك: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ (٣)} ثم استثنى موضع النسيان، فقال جل وعز:{وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ} أي: فقعدت معهم: {فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤)} وقال: {فَبَشِّرْ عِبَادِ (١٧) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (٥)} وقال: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} إلى قوله: {لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (٦)} وقال: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ (٧)} وقال: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (٨)} فذلك ما فرض الله، جلّ ذكره، على السمع من التّنْزِيه عما لا يحلّ له، وهو عمله، وهو من الإيمان.
و «فرض على العينين»: أن لا ينظر بهما إلى ما حرّم الله، وأن يغضيهما عما نهاه عنه، فقال، تبارك وتعالى، في ذلك: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ (٩)} الآيتين: أن ينظر أحدهم إلى فرج أخيه، ويحفظ فرجه من أن ينظر إليه.
وقال: كلّ شيء من حفظ الفرج، في كتاب الله، فهو من الزنا إلا هذه الآية، فإنها من النظر.
(١) ليست في ا. (٢) في ح، هـ: «يغض». (٣) سورة النساء: ١٤٠. (٤) سورة الأنعام ٦٨. (٥) سورة الزمر: ١٨. (٦) سورة المؤمنون: ١ – ٤. (٧) سورة القصص: ٥٥. (٨) سورة الفرقان: ٧٢. (٩) سورة النور: ٣٠، ٣١.