ثُمَّ بعد ذلك تباعد الرجال وتضاغنوا، أكثرت قُرَيْشٌ ذِكْرَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَضَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَيْهِ، وَمَشَوْا إِلَى أَبِي طَالِبٍ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالُوا: إِنَّ لَكَ نَسَبًا وَشَرَفًا فِينَا، وَإِنَّا اسْتَنْهَيْنَاكَ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ فَلَمْ تَنْهَهُ وَإِنَّا وَاللَّهِ مَا نَصْبِرُ عَلَى شَتْمِ آلِهَتِنَا وَتَسْفِيهِ أَحْلامِنَا حَتَّى تَكُفَّهُ أو تنازله وَإِيَّاكَ فِي ذَلِكَ، حَتَّى يَهْلِكَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنْهُ، فَعَظُمَ عَلَى أَبِي طَالِبٍ فراق قومه وعداواته لَهُمْ، وَلَمْ يَطِبْ نَفْسًا أَنْ يُسَلِّمَ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- لهم ولا أن يخذله٥.
١ صحيح: أخرجه البخاري "٣٥٣٣" في كتاب المناقب، باب: ما جاء في أَسْمَاءَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والبيهقي في "سننه" "٨/ ٢٥٢" وفي "الدلائل" "١/ ١٥٢". ٢ سورة الحجر: ٩٤. ٣ سورة الحجر: ٨٩. ٤ اللحى: العظم الذي على الفخذ. ٥ انظر "سيرة ابن هشام" "١/ ٢٥٨-٢٦١".