الأصل في آنية الكفار الحل، إلا إذا عُلمت نجاستها، فإنه لا يجوز استعمالها إلا بعد غسلها؛ لحديث أبي ثعلبة الخشني قال: قلت يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب، أفنأكل في آنيتهم؟ قال:(لا تأكلوا فيها إلا أن لا تجدوا غيرها فاغسلوها، ثم كلوا فيها)(١).
وأما إذا لم تُعلم نجاستها بأن يكون أهلها غير معروفين بمباشرة النجاسة، فإنه يجوز استعمالها؛ لأنه ثبت أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه أخذوا الماء للوضوء من مَزَادة امرأة مشركة (٢)، ولأن الله سبحانه قد أباح لنا طعام أهل الكتاب، وقد يقدِّمونه إلينا في أوانيهم، كما دعا غلام يهودي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على خبز شعير وإهالَة سَنِخَة فأكل منها (٣).
[المسألة الرابعة: الطهارة في الآنية المتخذة من جلود الميتة]
جلد الميتة إذا دبغ طهر وجاز استعماله لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أيما إهاب (٤) دبغ فقد طهر) (٥). ولأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرّ على شاة ميتة فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (هلَّا أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا به)؟ فقالوا: إنها ميتة. قال:(فإنما حَرُمَ أكلُهَا)(٦). وهذا فيما إذا كانت الميتة مما تحلها الذكاة وإلا فلا.
أما شعرها فهو طاهر -أي شعر الميتة المباحة الأكل في حال الحياة- وأما اللحم فإنه نجس، ومحرم أكله. لقوله تعالى:(إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ)[الأنعام: ١٤٥].
(١) رواه البخاري برقم (٥٤٧٨)، ومسلم برقم (١٩٣٠). (٢) رواه البخاري في كتاب التيمم باب الصعيد الطيب رقم (٣٤٤) ومسلم كتاب المساجد باب قضاء الصلاة الفائتة برقم (٦٨٢)، والمزادة: قربة كبيرة يزاد فيها جلد من غيرها. (٣) أخرجه أحمد (٣/ ٢١٠، ٢١١). وصححه الألباني في الإرواء (١/ ٧١) والإهالة: الشحم والزيت. والسنخة: المتغيرة الريح. (٤) الإهاب: الجلد قبل أن يدبغ. (٥) رواه الترمذي برقم (١٦٥٠)، ومسلم برقم (٣٦٦) بلفظ: (إذا دبغ الإهاب فقد طهر) من حديث ابن عباس. (٦) رواه مسلم برقم (٣٦٣)، وابن ماجه برقم (٣٦١٠).