أحدهما: قولهم: {أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ}[الأحقاف: ٣١] فأخبروا أن هنالك داعيا يدعوهم إلى الإيمان بالله فثبتت إذا عليهم الدعوة إلى الإسلام، والداعي لذلك لا يخلو أن يعنوا به محمدا - عليه السلام -، أو يعنوا به القرآن، فإن عنوا به محمدا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (١) وهو الأظهر، فهو المقصود.
وإن عنوا به القرآن (ق.١٤٩.أ) فلم يتلقوه إلا من محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فرجع حاصل الكلام إلى أن محمدا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (٢) هو الداعي لهم، وإذا كان داعيا لهم فهو الرسول إليهم كما هو الرسول إلى بني آدم.
ومر لهم بأن الإيمان يترتب عليه المغفرة والإجارة من العذاب، فإن ذلك لا يدرك عقلا، وإنما مدركه الشرع، وإذا لم يدرك ذلك إلا بالشرع فلا محالة أن النبي - عليه السلام - ألقاه إليهم في وقت الإنذار وتبليغ التكليف إليهم بالتزام الشريعة، وأن ذلك إذا فعلوه ترتب عليه المغفرة لهم والإجارة من العذاب.
فلما علموا ذلك منه - عليه السلام -، ءامنوا حينئذ كما أخبر الله تعالى عنهم فقال في سورة أخرى:{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا}[الجن: ١ - ٢].