قلنا: أما الشفاعة للأنبياء فلابد منها كما قال - عليه السلام - في حديث أبي سعيد الخدري عن الله تعالى: «شفعت الملائكة وشفع (١) النبيون وشفع المؤمنون» (٢).
إلا أن شفاعتهم لأممهم قد تكون بخلاف شفاعة النبي (٣) - عليه السلام - لأمته، لأنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«لكل نبي دعوة يدعو بها، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي في الآخرة». (٤)
فلو كانت شفاعة الأنبياء لأممهم مثل شفاعة نبينا - عليه السلام - لأمته لم يكن لهذه الخاصية التي يختص بها النبي - عليه السلام - من جعله تلك الدعوة شفاعة لأمته معنى.
لأنهم كانوا يزيدون عليه بتعجيل الدعوة المستجابة لهم في الدنيا ويستوون معه في الشفاعة في الآخرة، وذلك مناقض لمفهوم الحديث، إذ نص - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على أنه نظر لأمته وجعل لهم الدعوة المضمونة استجابتها شفاعة لهم
(١) في (ب): وشفعت. (٢) رواه مسلم (١٨٣) وأحمد (٣/ ٩٤) والحاكم (٨٧٣٦) وغيرهم. (٣) في (ب): نبينا. (٤) رواه البخاري (٥٩٤٥ - ٧٠٣٥) ومسلم (١٩٨ - ١٩٩) والترمذي (٣٦٠٢) وابن ماجه (٤٣٠٧) وأحمد (٢/ ٢٧٥ - ٤٢٦) ومالك (٤٩٢) وابن حبان (٦٤٦١) والبيهقي (٨/ ١٧) (١٠/ ١٩٠) والدارمي (٢٧٠٢) وأبو عوانة (١/ ٨٦) والطبراني في الأوسط (١٧٢٧) وغيرهم كثير عن أبي هريرة. وفي الباب عن أنس وجابر وابن عباس وأبي ذر وأبي سعيد وابن عمر.