ونحن إِذَا اتجهنا ناحية التوجيه المعنوي لذاتية السورة في محاولتنا لإبراز مكامن التحليل البحثي لهذه السورة نجد أن آيات سورة القصص تأخذ طريقاً مبيناً في الإيضاح فقوله تعالى:{َلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}((١)) قد سبك في صياغته اللفظية بجملة غير مسبوقة، في التعبير القرآني {وَصَّلْنَا} ، واقتران هذا الإيصال والتوصيل بالتذكير بالفعل المضارع يرينا وجهاً من وجوه آفاق النص القرآني، ويمكن فهم هذا الوجه بأن جملة {لَهُمُ الْقَوْلَ} مقترنة بما بعدها لا بما قبلها، فينتج عن ذلك أن نخرج بالمعنى العام: إنا نواصل إرسال رسلنا بكلماتنا للناس كافة لأجل ان يتذكروا الإيمان ((٢)) .
وهو بعض ما تنبه له قدماء المفسرين ((٣)) ، فإذا ما أخذنا آية أخرى وحاولنا تحليلها تحليلاً موضوعياً فإننا سنأخذ على سبيل المثال لا الحصر في ذلك قوله تعالى:{وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ}((٤)) .
(١) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٥١. (٢) ينظر الإِتقَان فِي علُوم القُرْآن: ١ /١٧٧. (٣) جامع البَيَان عَنْ تَأوِيل آي القُرْآن المعروف بتفسير الطَّبَري. أبو جعفر مُحَمَّد بن جَرِير الطَّبَري. ت ٣١٠ هـ. حققه وخرج أحاديثه: محمود مُحَمَّد شاكر. راجع أحاديثه: أحمد مُحَمَّد شاكر. دار المعارف بمصر ج ٨ سنة ١٩٧١. ج ١١ سنة ١٩٥٧ م: ٨ /١٩٩. وقارن مَفَاتِيح الغَيْب: ١٢/ ٢٦٢. (٤) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٥٧.