وقال ابن عطية:" ويحتمل أن يريد؛ ويختار الله تعالى الأديان والشرائع وليس لهم الخيرة في أن يميلوا إلى الأصنام في العبادة. ويؤيد هذا التأويل قوله تعالى:{سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} "((١)) .
قال الزمخشري:" والمعنى الخيرة لله تعالى في أفعاله، وهو أعلم بوجود الحكمة فيها ليس لأحد من خلقه أن يختار عليه. وقيل: يختار للعباد ما هو خير لهم وأصلح وهو أعلم بصالحهم من أنفسهم "((٢)) .
{سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}
قال الزمخشري:" أي: الله برئ من إشراكهم وما يحملهم عليه من الجرأة على الله واختيارهم عليه ما لا يختار "((٣)) .
أي " ما يكنون ويخفون في صدورهم من الاعتقادات الباطلة، ومن عداوتهم لرسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) ونحو ذلك {وَمَا يُعْلِنُونَ} ، وما يظهرونه من الأفعال الشنيعة والطعن فيه (- صلى الله عليه وسلم -) وغير ذلك، ولعله للمبالغة في خباء باطنهم لأن ما فيه مبدأ لما يكون في الظاهر من القبائح لم يقل ما يكنون كما قيل ما يعلنون "((٤)) .
وذكر الرازي أن الثواب غير واجب عليه، بل هو سبحانه يعطيه فضلاً وإحساناً، فله الحمد في الآولى والآخرة، ويؤكد ذلك قول أهل الجنة:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ}((٥)) .
أما المعتزلة فعندهم الثواب مستحق، فلا يستحق الحمد بفعله من أهل الجنة، وأما أهل النار فما أنعم عليهم حتى يستحق الحمد منهم.