أولاً. هناك في الآيات نداءان؛ النداء الأول لإثبات الألوهية لله وحده لا شريك له من خلال إخباره عز وجل عما يوبخ به الكفار المشركين يوم القيامة حيث يناديهم {أَيْنَ شُرَكَائِي الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} ، وقوله تعالى:{وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ} .
ثانياً. النداء الثاني لإثبات النبوات من خلال قوله تعالى:{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمْ الْمُرْسَلِينَ} ، ماذا كان جوابكم للمرسلين إليكم وكيف كان حالكم معهم، وهذا كما يسئل العبد في قبره: من ربك؟ ومن نبيك؟ وما دينك؟ فأما المؤمن فيشهد أنه لا اله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله. وأما الكافر فيقول: هاه، هاه لا أدري. ولهذا لا جواب له يوم القيامة غير السكوت، لأن من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً، ولذا قال تعالى:{فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمْ الأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لاَ يَتَسَاءَلُونَ}((١)) .
ثالثاً. أجابت الآيات عن ما يتبادر من سؤال في الذهن وهو: ما حكم من تاب من المشركين ((٢)) ؟ بقوله تعالى:{فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمُفْلِحِينَ} .
وعطف الإيمان عليها لأن المقصود حصول إقلاع عن عقائد الشرك وإحلال عقائد الإسلام محلها، ولذلك عطف عليه بقوله {وَعَمِلَ صَالِحًا} ، لأن بعض أهل الشرك كانوا شاعرين بفساد دينهم، وكان يصدهم عن تقلد شعائر الإسلام أسباب مغرية من الأعراض الزائلة التي افتتنوا بها " ((٣)) .
فباب التوبة إذا مفتوح للمشركين ولغيرهم بهذه الشروط:
الندم بالقلب.
ترك المعصية في الحال.
العزم على ألا يعود إلى المعصية.
(١) ينظر تفسير القرآن العظيم: ٣ /٣٩٧. (٢) ينظر التحرير والتنوير: ٢٠/ ١٦٣. (٣) التحرير والتنوير: ٢٠ /١٦٣.