ومنه قوله (- صلى الله عليه وسلم -) لأبي ذر: ((اتق الله حيثما كنت، واتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن)) ((١)) .
{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} في سبيل الخير {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ} فيه ثلاثة أقوال:
قال مجاهد: السبّ والأذى.
وقال الضحاك: الشرك.
وقال ابن زيد: ما غيرته اليهود من وصف الرَّسُول (- صلى الله عليه وسلم -)
{أَعْرَضُوا عَنْهُ} وتركوه تكرماً ((٢)) .
والراجح أنهم إذا سمعوا ما قال المشركون من الأذى والشتم، أعرضوا عنه ولم ينشغلوا به كقوله تعالى:{وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا}((٣)) .
أما قوله تعالى:{وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} فقال الطبرسي: " أي: لا نسأل نحن عن أعمالكم ولا تسألوا عن أعمالنا، بل كلّ منا يجازى على عمله "((٤)) .
وهذه الآية نظير قوله تعالى:{وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا}((٥)) .
{سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ} قال صاحب الخازن: " ليس المراد من (سلام) تحية، ولكن سلام المشاركة، والمعنى: سلمتم منا لا نعارضكم بالشتم "((٦)) .
{لاَ نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ}" لا نطلب صحبتهم ولا نريد مخالطتهم "((٧)) .
ما يستفاد من النصّ
(١) سنن الترمذي: ٤ /٣٣٥ وقال الترمذي: وهذا حديث حسن صحيح. المستدرك على الصحيحين: ١ /١٢١ من حديث أبي ذر قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. (٢) ينظر روح المعاني: ٢٠ /٩٥. (٣) سُوْرَة الْفُرْقَانَ: الآية ٧٢. (٤) مجمع البيان: ٧ /٢٥٨. (٥) سُوْرَة الْفُرْقَانَ: الآية ٦٣. (٦) لُبَاب التَأَوْيِل: ٣ /٤٣٦. (٧) إرْشَاد العَقل السَّلِيم: ٧ /١٩.