أَمْرٍ مِمَّا يَنْسَى الْمَرْءُ أَوْ يَجْهَلُ مِنْ تَقْدِيمِ الْأُمُورِ بَعْضِهَا قَبْلَ بَعْضٍ وَأَشْبَاهِهَا إِلَّا قَالَ فِيهَا: (افْعَلْ وَلَا حَرَجَ). الثَّالِثَةُ- قَالَ الْعُلَمَاءُ: رَفْعُ الْحَرَجِ إِنَّمَا هُوَ لِمَنِ اسْتَقَامَ عَلَى مِنْهَاجِ الشَّرْعِ، وَأَمَّا السَّلَّابَةُ وَالسُّرَّاقُ وَأَصْحَابُ الْحُدُودِ فَعَلَيْهِمُ الْحَرَجُ، وَهُمْ جَاعِلُوهُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِمُفَارَقَتِهِمُ الدِّينَ، وَلَيْسَ فِي الشَّرْعِ أَعْظَمُ حَرَجًا مِنْ إِلْزَامِ ثُبُوتِ رَجُلٍ لِاثْنَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَعَ صِحَّةِ الْيَقِينِ وَجَوْدَةِ الْعَزْمِ لَيْسَ بِحَرَجٍ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِلَّةَ أَبِيكُمْ) قَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى اتَّبِعُوا مِلَّةَ أَبِيكُمْ. الْفَرَّاءُ: انْتَصَبَ عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ الْكَافِ، كَأَنَّهُ قَالَ كَمِلَّةِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى وَافْعَلُوا الْخَيْرَ فِعْلَ أَبِيكُمْ، فَأَقَامَ الْفِعْلَ مَقَامَ الْمِلَّةِ. وَإِبْرَاهِيمُ هُوَ أَبُو الْعَرَبِ قَاطِبَةً. وَقِيلَ: الْخِطَابُ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْكُلُّ مِنْ وَلَدِهِ، لِأَنَّ حُرْمَةَ إِبْرَاهِيمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَحُرْمَةِ الْوَالِدِ عَلَى الْوَلَدِ. (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ) قَالَ ابْنُ زَيْدٍ وَالْحَسَنُ:" هُوَ" رَاجِعٌ إِلَى إِبْرَاهِيمَ، وَالْمَعْنَى: هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (وَفِي هَذَا) أَيْ وَفِي حُكْمِهِ أَنَّ مَنِ اتَّبَعَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ مُسْلِمٌ. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ:" رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ «١» " [البقرة: ١٢٨]. قَالَ النَّحَّاسُ: وَهَذَا الْقَوْلُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ عُظَمَاءِ «٢» الْأُمَّةِ. رَوَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمَّاكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ، أَيْ فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ وفي هذا القرآن، قاله مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ. (لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ) أَيْ بِتَبْلِيغِهِ إِيَّاكُمْ. (وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) أَنَّ رُسُلَهُمْ قَدْ بَلَّغَتْهُمْ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي" الْبَقَرَةِ «٣» ". (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) قد تقدم «٤» مستوفى والحمد لله [رب العالمين «٥»].
(١). راجع ج ٢ ص ١٢٦ فما بعد.(٢). في ك: علماء.(٣). راجع ج ٢ ص ١٢٦ ص ١٥٣ فما بعد.(٤). راجع ج ١ ص ج ٤ ص ١٥٦. [ ..... ](٥). من ك.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute