فِيهَا. وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُصَلَّى فِي سَبْعِ مَوَاطِنَ: فِي الْمَزْبَلَةِ وَالْمَجْزَرَةِ وَالْمَقْبَرَةِ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ، وَفِي الْحَمَّامِ وَفِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ وَفَوْقَ بَيْتِ اللَّهِ. وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي مَرْثَدٍ وَجَابِرٍ وَأَنَسٍ: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ إِسْنَادُهُ لَيْسَ بِذَاكَ الْقَوِيِّ، وَقَدْ تُكَلِّمُ فِي زَيْدِ بْنِ جُبَيْرَةَ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ. وَقَدْ زَادَ عُلَمَاؤُنَا: الدَّارَ الْمَغْصُوبَةَ وَالْكَنِيسَةَ وَالْبِيعَةَ وَالْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ تَمَاثِيلُ، وَالْأَرْضَ الْمَغْصُوبَةَ أَوْ مَوْضِعًا تَسْتَقْبِلُ فِيهِ نَائِمًا أَوْ وَجْهَ رَجُلٍ أَوْ جِدَارًا عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَمِنْ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ مَا مُنِعَ لِحَقِّ الْغَيْرِ، وَمِنْهُ مَا مُنِعَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَمِنْهُ مَا مُنِعَ لِأَجْلِ النَّجَاسَةِ الْمُحَقَّقَةِ أَوْ لِغَلَبَتِهَا، فَمَا مُنِعَ لِأَجْلِ النَّجَاسَةِ إِنْ فُرِشَ فِيهِ ثَوْبٌ طَاهِرٌ كَالْحَمَّامِ وَالْمَقْبَرَةِ فِيهَا أَوْ إِلَيْهَا فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَذَكَرَ أَبُو مُصْعَبٍ عَنْهُ الْكَرَاهَةَ. وَفَرَّقَ عُلَمَاؤُنَا بَيْنَ الْمَقْبَرَةِ الْقَدِيمَةِ وَالْجَدِيدَةِ لِأَجْلِ النَّجَاسَةِ، وَبَيْنَ مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ، لِأَنَّهَا دَارُ عَذَابٍ وَبُقْعَةُ سُخْطٍ كَالْحِجْرِ. وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ: لَا يُصَلِّي فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ وَإِنْ فَرَشَ ثَوْبًا، كَأَنَّهُ رَأَى لَهَا عِلَّتَيْنِ: الِاسْتِتَارَ «١» بِهَا وَنِفَارَهَا فَتُفْسِدُ عَلَى الْمُصَلِّي صَلَاتَهُ، فَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً «٢» فَلَا بَأْسَ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ، فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُصَلَّى عَلَى بِسَاطٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ إِلَّا من ضرورة. وكره ابن الصَّلَاةَ إِلَى الْقِبْلَةِ فِيهَا تَمَاثِيلُ، وَفِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ، فَإِنْ فَعَلَ أَجْزَأَهُ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ لَا تُجْزِئُ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَذَلِكَ عِنْدِي بِخِلَافِ الْأَرْضِ. فَإِنَّ الدَّارَ لَا تُدْخَلُ إِلَّا بِإِذْنٍ، وَالْأَرْضُ وَإِنْ كَانَتْ مِلْكًا فَإِنَّ الْمَسْجِدِيَّةَ فِيهَا قَائِمَةٌ لَا يُبْطِلُهَا الْمِلْكُ. قُلْتُ: الصَّحِيحُ- إِنْ شَاءَ اللَّهُ- الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ النَّظَرُ وَالْخَبَرُ أَنَّ الصَّلَاةَ بِكُلِّ مَوْضِعٍ طَاهِرٍ جَائِزَةٌ صَحِيحَةٌ. وَمَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" إِنَّ هَذَا وَادٍ بِهِ شَيْطَانٌ" وَقَدْ رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ: وَاخْرُجُوا عَنِ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَصَابَتْكُمْ فِيهِ الْغَفْلَةُ. وَقَوْلُ عَلِيٍّ: نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُصَلِّي بِأَرْضِ بَابِلَ فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ. وَقَوْلُهُ عليه
(١). في الموطأ:" لأنها يستتر بها للبول والغائط، فلا تكاد تسلم مباركها من النجاسة".(٢). أي ناقة واحدة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute