اقْتَسَمْنَاهَا أَنَا وَعَدِيُّ بْنُ بَدَّاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا إِلَى أَهْلِهِ دَفَعْنَا إِلَيْهِمْ مَا كَانَ مَعَنَا، وَفَقَدُوا الْجَامَ فَسَأَلُونَا عَنْهُ فَقُلْنَا: مَا تَرَكَ غَيْرَ هَذَا، وَمَا دَفَعَ إِلَيْنَا غَيْرَهُ، قَالَ تَمِيمٌ: فَلَمَّا أَسْلَمْتُ بَعْدَ قُدُومِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ تَأَثَّمْتُ مِنْ ذَلِكَ، فَأَتَيْتُ أَهْلَهُ وَأَخْبَرْتُهُمُ الْخَبَرَ، وَأَدَّيْتُ إِلَيْهِمْ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَأَخْبَرْتُهُمْ أَنَّ عِنْدَ صَاحِبِي مِثْلَهَا، فَأَتَوْا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُمُ الْبَيِّنَةَ فَلَمْ يَجِدُوا، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَحْلِفُوهُ بِمَا يُقْطَعُ «١» بِهِ عَلَى أَهْلِ دِينِهِ، فَحَلَفَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ" إِلَى قَوْلِهِ" بَعْدَ أَيْمانِهِمْ" فَقَامَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَرَجُلٌ آخَرُ مِنْهُمْ فَحَلَفَا فَنُزِعَتِ الْخَمْسُمِائَةِ مِنْ يَدَيْ عَدِيِّ بْنِ بَدَّاءَ. قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَلَيْسَ إِسْنَادُهُ بِصَحِيحٍ. وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ الْآيَاتِ الثَّلَاثَ نَزَلَتْ فِي تَمِيمٍ وَأَخِيهِ عَدِيٍّ، وَكَانَا نَصْرَانِيَّيْنِ، وَكَانَ مَتْجَرُهُمَا إِلَى مَكَّةَ، فَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ قَدِمَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ الْمَدِينَةَ وَهُوَ يُرِيدُ الشَّامَ تَاجِرًا، فَخَرَجَ مَعَ تَمِيمٍ وَأَخِيهِ عَدِيٍّ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَذَكَرَ النَّقَّاشُ قَالَ: نَزَلَتْ فِي بُدَيْلِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ مَوْلَى الْعَاصِ بْنِ وَائِلِ السَّهْمِيِّ، كَانَ خَرَجَ مُسَافِرًا فِي الْبَحْرِ إِلَى أَرْضِ النَّجَاشِيِّ، وَمَعَهُ رَجُلَانِ نَصْرَانِيَّانِ أَحَدُهُمَا يُسَمَّى تَمِيمًا وَكَانَ مِنْ لَخْمٍ وَعَدِيِّ بْنِ بَدَّاءَ، فَمَاتَ بُدَيْلٌ وَهُمْ فِي السَّفِينَةِ فَرُمِيَ بِهِ فِي الْبَحْرِ، وَكَانَ كَتَبَ وَصِيَّتَهُ ثُمَّ جَعَلَهَا فِي الْمَتَاعِ فَقَالَ: أَبْلِغَا هَذَا الْمَتَاعَ أَهْلِيَ، فَلَمَّا مَاتَ بُدَيْلٌ قَبَضَا الْمَالَ، فَأَخَذَا مِنْهُ مَا أَعْجَبَهُمَا فَكَانَ فِيمَا أَخَذَا إِنَاءً مِنْ فِضَّةٍ فِيهِ ثَلَاثُمِائَةِ مِثْقَالٍ، مَنْقُوشًا «٢» مُمَوَّهًا بِالذَّهَبِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَذَكَرَهُ سُنَيْدٌ وَقَالَ: فَلَمَّا قَدِمُوا الشَّامَ مَرِضَ بُدَيْلٌ وَكَانَ مُسْلِمًا، الْحَدِيثَ. الثَّانِيَةُ- وَقَوْلُهُ تَعَالَى:" شَهادَةُ بَيْنِكُمْ" وَرَدَ" شَهِدَ" فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنْوَاعٍ «٣» مُخْتَلِفَةٍ: مِنْهَا قَوْلُهُ تعالى:" وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ"] البقرة: ٢٨٢] قِيلَ: مَعْنَاهُ أَحْضِرُوا. وَمِنْهَا" شَهِدَ" بِمَعْنَى قَضَى أَيْ أَعْلَمَ، قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:" شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ" «٤»] آل عمران: ١٨]. وَمِنْهَا" شَهِدَ" بِمَعْنَى أَقَرَّ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:" وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ" «٥»] النساء: ١٦٦]. وَمِنْهَا" شَهِدَ" بِمَعْنَى حَكَمَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها" «٦»] يوسف: ٢٦]. وَمِنْهَا" شَهِدَ" بِمَعْنَى حَلَفَ، كَمَا فِي اللِّعَانِ." وشهد"
(١). يقطع: يعظم.(٢). في ع: موشا بالذهب.(٣). أراد بمعان.(٤). راجع ج ٤ ص ٤٠.(٥). راجع ج ٦ ص ١٩. [ ..... ](٦). راجع ج ٩ ص ١٧٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute