نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ، فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ، اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَأِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} [الْقَصَصِ: ٢٩-٣٢] الْآيَاتِ. وَالْقُرْآنُ مُمْتَلِئٌ بِذَلِكَ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ احْتِجَاجِ آدَمَ وَمُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ عِنْدَ رَبِّهِمَا وَفِيهِ قَوْلُ آدَمَ لِمُوسَى: "أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ تَعَالَى بِرِسَالَاتِهِ وَبِكَلَامِهِ" ١ الْحَدِيثَ. وَفِيهِمَا مِنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُوسَى فَإِنَّهُ كَلِيمُ اللَّهِ" ٢ وَفِي رِوَايَةٍ "وَلَكِنِ ائْتُوا مُوسَى عَبْدًا آتَاهُ اللَّهُ التَّوْرَاةَ وَكَلَّمَهُ تَكْلِيمًا" ٣ وَفِي رِوَايَةٍ: "وَلَكِنِ ائْتُوا مُوسَى عَبْدًا آتَاهُ اللَّهُ التَّوْرَاةَ وَكَلَّمَهُ وَقَرَّبَهُ نَجِيًّا" ٤. فَقَدْ أَخْبَرَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ اصْطَفَى عَبْدَهُ مُوسَى بِكَلَامِهِ وَاخْتَصَّهُ بِإِسْمَاعِهِ إِيَّاهُ بِدُونِ وَاسِطَةٍ وَأَنَّهُ نَادَاهُ وَنَاجَاهُ وَكَلَّمَهُ تَكْلِيمًا. وَأَخْبَرَنَا تَعَالَى بِمَا كَلَّمَهُ بِهِ, وَبِالْمَوْضِعِ الَّذِي كَلَّمَهُ فِيهِ, وَبِالْمِيقَاتِ الَّذِي كَلَّمَهُ فِيهِ, وَأَخْبَرَ عَنْهُ رَسُولُهُ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِذَلِكَ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَاتِ, فَأَيُّ كَلَامٍ أَفْصَحُ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَلَامِ رَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَيُّ بَيَانٍ أَوْضَحُ مِنْ بَيَانِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ, وَبِأَيِّ بُرْهَانٍ يَقْنَعُ مَنْ لَمْ يَقْنَعْ بِذَلِكَ: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ} [الْجَاثِيَةِ: ٦] وَفِي هَذَا أَعْلَى دَلَالَةٍ وَأَبْيَنُهَا وَأَوْضَحُهَا عَلَى ثُبُوتِ صِفَةِ الْكَلَامِ لِرَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ وَأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ إِذَا شَاءَ بِمَا يَشَاءُ وَكَيْفَ يَشَاءُ بِكَلَامٍ يَسْمَعُهُ مَنْ يَشَاءُ, أَسْمَعَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَيْفَ شَاءَ وَعَلَى مَا أَرَادَ وَقَدْ ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ نِدَاؤُهُ الْأَبَوَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ إِذْ
١ سيأتي بتمامه.٢ سيأتي بتمامه وقد تقدم بعضه.٣ سيأتي بتمامه وقد تقدم بعضه.٤ سيأتي بتمامه وقد تقدم بعضه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute