"الْبِدَعُ":
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْبِدَعَ كُلَّهَا مَرْدُودَةٌ لَيْسَ مِنْهَا شَيْءٌ مَقْبُولًا، وَكُلَّهَا قَبِيحَةٌ لَيْسَ فِيهَا حَسَنٌ، وَكُلَّهَا ضَلَالٌ لَيْسَ فِيهَا هُدًى، وَكُلَّهَا أَوْزَارٌ لَيْسَ فِيهَا أَجْرٌ، وَكُلَّهَا بَاطِلٌ لَيْسَ فِيهَا حَقٌّ.
وَمَعْنَى الْبِدْعَةِ هُوَ شَرْعُ مَا لَمْ يَأْذَنِ اللَّهُ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَمْرُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَا أَصْحَابِهِ، وَلِهَذَا فَسَّرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْبِدْعَةَ بِقَوْلِهِ: "كُلُّ عَمَلٍ لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا" ١.
وَوَصَفَ الطَّائِفَةَ النَّاجِيَةَ مِنَ الثَّلَاثِ وَالسَّبْعِينَ فِرْقَةً بِقَوْلِهِ: "هُمُ الْجَمَاعَةُ"٢, وَفِي رِوَايَةٍ "هُمْ مَنْ كَانَ مِثْلُ مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي"٢.
ثُمَّ الْبِدَعُ بِحَسَبِ إِخْلَالِهَا بِالدِّينِ قِسْمَانِ:
مُكَفِّرَةٌ لِمُنْتَحِلِهَا.
وَغَيْرُ مُكَفِّرَةٍ.
فَضَابِطُ الْبِدْعَةِ الْمُكَفِّرَةِ: مَنْ أَنْكَرَ أَمْرًا مُجَمْعًا عَلَيْهِ مُتَوَاتِرًا مِنَ الشَّرْعِ مَعْلُومًا مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ مِنْ جُحُودِ مَفْرُوضٍ أَوْ فَرْضِ مَا لَمْ يُفْرَضْ أَوْ إِحْلَالِ مُحَرَّمٍ أَوْ تَحْرِيمِ حَلَالٍ أَوِ اعْتِقَادِ مَا يُنَزَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَكِتَابُهُ عَنْهُ مِنْ نَفْيٍ أَوْ إِثْبَاتٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَكْذِيبٌ بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلَ اللَّهُ بِهِ رُسُلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ كَبِدْعَةِ الْجَهْمِيَّةِ فِي إِنْكَارِ صفات الله عز وجل وَالْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ، أَوْ خَلْقِ أَيْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ، وَإِنْكَارِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا وَكَلَّمَ مُوسَى تَكْلِيمًا وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَكَبِدْعَةِ الْقَدَرِيَّةِ فِي إِنْكَارِ عِلْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَفْعَالِهِ وَقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ، وَكَبِدْعَةِ الْمُجَسِّمَةِ الَّذِينَ يُشَبِّهُونَ اللَّهَ تَعَالَى بِخَلْقِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَهْوَاءِ.
١ تقدم تخريجه سابقا.٢ تقدم تخريجه بتمامه سابقا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute