تحاكم إليها أو دعا منازعه إلى التحاكم إليها فقد حاكم إلى الطاغوت!.
وقال تعالى: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَال إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٧٤)}. قالوا: ومن تأمل هذه الآية حق التأمل؛ تبين له أنها نص على إبطال القياس وتحريمه؛ لأن القياس كله ضرب الأمثال للدين وتمثيل ما لا نص فيه بما فيه نص. ومن مثل ما لم ينص الله سبحانه على تحريمه أو إيجابه بما حرمه أو أوجبه فقد ضرب لله الأمثال، ولو علم سبحانه أن الذي سكت عنه مثل الذي نص عليه لأعلمنا بذلك، ولما أغفله سبحانه، وما كان ربك نسيًّا، وليبين لنا ما نتقي كما أخبر عن نفسه بذلك إذ يقول سبحانه:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ}. ولَمَا وكَلَه إلى آرائنا ومقاييسنا التي ينقض بعضها بعضًا. فهذا يقيس ما يذهب إليه على ما يزعم أنه نظيره، فيجيء منازعه فيقيس ضد قياسه من كل وجه، ويبدي من الوصف الجامع مثل ما أبداه منازعه أو أظهر منه، ومحال أن يكون القياسان معًا من عند الله، وليس أحدهما أولى من الآخر فليسا من عنده. وهذا وحده كاف في إبطال القياس، وقد قال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}، وقال:{لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيهِمْ} فكل ما بينه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعن ربه سبحانه، بينه بأمره وإذنه. وقد علمنا يقينًا وقوع كل اسم في اللغة على مسماه فيها، وأن اسم البر لا يتناول الخردل، واسم التمر لا يتناول البلوط، واسم الذهب والفضة لا يتناول القزدير، وأن تقدير نصاب السرقة لا يدخل فيه تقدير المهر، وأن تحريم أكل الميتة لا يدل على أن