للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المؤمن الطيب عند الله حيًّا وميتًا إذا مات صار نجسًا خبيثًا. وأن هذا عن البيان الذي ولاه الله ورسوله وبعثه به أبعد شيء وأشده منافاة له؛ فليس هو مما بعث به الرسول قطعًا، فليس إذًا من الدين. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما بعث الله من نبي إلا كان حقًّا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينهاهم عن شر ما يعلمه لهم" ولو كان الرأي والقياس خيرًا لهم لدلهم عليه، وأرشدهم إليه، ولقال لهم إذا أوجبت عليكم شيئًا أو حرمته فقيسوا عليه ما كان بينه وصف جامع، أو ما أشبهه. أو قال ما يدل على ذلك أو يستلزمه، ولَمَا حذرهم من ذلك أشد الحذر. وقد أحكم اللسان كل اسم على مسماه لا على غيره. وإنما بعث الله سبحانه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بالعربية التي يفهمها العرب من لسانها، فإذا نص سبحانه في كتابه أو نص رسوله على اسم من الأسماء، وعلق عليه حكمًا من الأحكام؛ وجب ألا يوقع ذلك الحكم إلا على ما اقتضاه ذلك الاسم، ولا يتعدى به الوضع الذي وضعه الله ورسوله فيه، ولا يخرج عن ذلك الحكم شيء، مما يقتضيه الاسم، فالزيادة عليه زيادة في الدين، والنقص منه نقص في الدين. فالأول القياس، والثاني التخصيص الباطل، وكلاهما ليس من الدين، ومن لم يقف مع النصوص فإنه تارة يزيد في النص ما ليس منه، ويقول هذا قياس. ومرة ينقص منه بعض ما يقتضيه ويخرجه عن حكمه ويقول هذا تخصيص. ومرة يترك النص جملة ويقول ليس العمل عليه، أو يقول هذا خلاف القياس، أو خلاف الأصول.

قالوا: ولو كان القياس من الدين لكان أهله أتبع الناس للأحاديث، وكان كلما توغل فيه الرجل كان أشد اتباعًا للأحاديث