قال الشيخ السلمي في "شرح الورقات": (- قوله تعالى: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ)[النساء: ٩٣]، لو لم تأتي كلمة (مُّتَعَمِّداً) وهي حال هنا والأصوليون يسمونها صفة ويجعلونه من التخصيص بالصفة، لو لم ترد كلمة:(مُّتَعَمِّداً) أصبحت من يقتل مؤمنا فجزائه جنهم، لكن هل كل من قتل مؤمناً يعني ولو خطأ يستحق هذا العقاب؟ الجواب لا، بدليل قوله تعالى:(مُّتَعَمِّداً) فقوله (مُّتَعَمِّداً) هذا تخصيص بالصفة، كانت الآية عامة لولا هذا التخصيص، فهذا هو التخصيص بالصفة).
[المخصصات المنفصلة.]
[تمهيد - العام الذي أريد به الخصوص]
العام الذي أريد به الخصوص، هو الذي لفظه عام من حيث الوضع ولكن اقترن به دليل يدل على أنه مراد به بعض مدلوله اللغوي مثل قوله تعالى:(الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ)[آل عمران: ١٧٣]، فلفظ الناس عام ولكنه لم يرد به عموم الناس بدليل قوله:(إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ) فدل على وجود أناس جمعوا، وأناس مجموع لهم، وأناس نقلوا الخبر للمجموع لهم. فلفظ الناس تكرر مرتين والمراد به في الأولى: نعيم بن مسعود، أو ركب عبد القيس، وفي الثانية: أبو سفيان ومن معه من الأحزاب (١).
أولاً - التخصيص بالحس:
قال ابن النجار في "شرح الكوكب"(٣/ ٢٧٨): (المراد بالحس المشاهدة)(٢).
قال المرداوي في "التحبير"(٦/ ٢٦٣٨): (قوله: {منه الحس}. يجوز التخصيص بالحس، أي: المشاهدة، كقوله تعالى: (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ)[النمل: ٢٣]، (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ)[الأحقاف: ٢٥] فنحن نشاهد أشياء كثيرة لم تؤتها بلقيس كملك سليمان، ونحن نشاهد أشياء كثيرة لم تدمرها الريح كالسموات، والجبال، وغيرها. ونحوه قوله تعالى:(مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ)[الذاريات: ٤٢]، (يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ)[القصص: ٥٧] فإنا نشاهد أشياء
(١) "أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله" (ص/٢٩٧). (٢) وانظر أيضا: جمع الجوامع (٢/ ٦٠ - حاشية العطار).