وطائفةٌ عارضته بحقائقهم وأذواقهم، وقالوا: لكم الشريعة ولنا الحقيقة.
وطائفةٌ عارضته بسياساتهم وتدبيرهم، فقالوا: أنتم أصحاب الشريعة ونحن أصحاب السياسة.
وطائفةٌ عارضته بالتأويل الباطن، فقالوا (٢): أنتم أصحاب الظَّاهر ونحن أصحاب الباطن.
ثم إن كل طائفةٍ من هذه الطوائف لا ضابط لما تأتي به من ذلك، بل ما تأتي به تبعٌ (٣) لأهوائها؛ كما قال تعالى:{فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاَعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ}[القصص: ٥٠] وقال: {وَأَنِ اِحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اَللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ}[المائدة: ٥١] فما هو إلَّا الوحي أو الهوى (٤)، كما قال تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ اِلْهَوى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى} [النجم: ٣ - ٤] فجعل النُّطق نوعين: نطقًا عن الوحي، ونطقًا عن الهوى.
ثم إذا رُدَّ على كلٍّ من هؤلاء باطله رجع إلى طاغوته، وقال: في العقل ما
(١) «ح»: «لنا النقل ولكم العقل». وهو مقلوب. (٢) «ح»: «فقال». (٣) «ح»: «تتبع». (٤) «ح»: «الوحي».