في كتاب «المفتاح»(١) وذكرنا على صحتها فوق الخمسين دليلًا.
وقد قال - صلى الله عليه وسلم - فيما يروي عن ربه تعالى:«يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ، وَأَنَا الدَّهْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ»(٢). وقال:«لَا أَحَدَ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى يَسْمَعُهُ مِنَ اللَّهِ، يَجْعَلُونَ لَهُ الْوَلَدَ وَهُوَ يَرْزُقُهُمْ وَيُعَافِيهِمْ»(٣). وقال حاكيًا عن ربِّه:«شَتَمَنِي ابنُ آدَمَ؛ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ، وَكَذَّبَني ابنُ آدَمَ؛ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ»(٤). وقد فرَّق الله بين أذاه وأذى رسوله وأذى المؤمنين والمؤمنات، فقال: {إِنَّ اَلَّذِينَ يُؤْذُونَ اَللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اُللَّهُ فِي اِلدُّنْيا وَاَلْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا (٥٧) وَاَلَّذِينَ يُؤْذُونَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَاَلْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اَكْتَسَبُوا فَقَدِ اِحْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} [الأحزاب: ٥٧ - ٥٨]. وليس أذاه سبحانه من جِنس الأذى الحاصل للمخلوقين، كما أن سَخَطه وغضبه وكراهته ليست من جنس ما للمخلوقين.
الوجه الثالث: أن ما وصف اللهُ سبحانه به نفسَه من المحبة والرضى والفرح والغضب والبُغْض والسَّخَط من أعظم صفات الكمال، إذ في العقول (٥) أنَّا إذا فرضنا ذاتين:
إحداهما لا تحب شيئًا ولا تبغضه ولا ترضاه ولا تفرح به، ولا تُبغِض شيئًا، ولا تغضب منه، ولا تكرهه وتَمقُته.
(١) «مفتاح دار السعادة» (٢/ ٨٧٥ - ٨٩١). (٢) أخرجه البخاري (٤٨٢٦) ومسلم (٢٢٤٦) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -. (٣) أخرجه البخاري (٦٠٩٩) ومسلم (٢٨٠٤) واللفظ له، عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -. (٤) أخرجه البخاري (٣١٩٣) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -. (٥) «ح»: «القول». والمثبت هو الصواب.